خزعبلاتٌ وقيادةٌ رشيدة
- يقظةٌ جماهيرية:
العيون البريئة، والقلوب التي لا يعرفُ الحقدُ لها منفذاً.. ليس بالضرورة أن تكون كذلك دائماً.. فالورقةُ الخضراء قد تصبحُ يوما ما خريفية المنظر والملمس والمذاق في أحدِ فصول السنة.. وكما قيل: «الناسُ معادن»، ويتضحُ المعدن مع مرور الوقت.. ليس من المهم أن نراقب الناس في سلوكياتهم.. بل الأهمُ أن نرى تلك السلوكيات التي تندلعُ من أولئك العلماء الذين يحتذي بهم الناس و يُقبلون التراب من تحت أرجلهم.. وحينما نرى الضعينة يُسَارُ بها إلى جبهة الضياع نحن من يُقف الجماح ويُقوم المسار حتى نقفُ بها في حظيرة القدس..
- ألوانٌ وتشاكيل:
في زمن الغيبة، تتعملقُ قيمة العالم، ليس بوصفه رمزاً دينياً وحسب، بل لكونه مصدراً من مصادر التشريع في: قوله، وفعله، وحتى تقريره في أدمغة البسطاء!
فعند أنصافهم تكمنُ الخطورة.. حيثُ يُستخدم «التشكيل»الأحمر المستمد من قميص الحسين لرفع شعار الثورة عندما يحدوه ركبُ الشهواتِ إلى ذلك..
والأخضرُ من قميص الحسن عندما تكون «المصلحةُ الذاتية» في المداهنة ورفع راية السلم والاستسلام الممزوج بالحمام البيض.. تبعاً لخطة المرحلة الشهوانية التي تتلون كما الحرباء..
- طاغوتٌ يتعملق:
للطواغيت مقاساتٌ وأحجام «كمعارض الأحذية»!.. فهناك الفردةُ الصغيرة «ولادي» وهناك الفردةُ الديناصورية «العائلي»، وبلاشك لا يستطيع أحدٌ أن يقفز إلى مصاف الديناصورات بين عشية وضحاها إلا إذا مر بحالة «التسامي» الفيزيائية فإنه حينها سيتحول فوراً إلى ذلك الطراز من الجبتنة والطاغوتية المتعملقة!
وعادةً ما يكون هذا التطور متوقعاً في صفوف أنصاف العلماء.. فإذا انزلقت قدمٌ -قيد شعرة- تلحقها أختها القدم الأخرى.. فتلك الظاهرةُ تتراكض بحماسٍ مطردٍ حتى يحضى بشرف «الهامورية»!!
وينال وساماً مشرقاً من نياشين الهوامير الفرعونية!
وعند حدوث تلك الطامة سنكون نحن الحطب الأول المناسب لإيقاد نار جهنم.. والجنود الصغار الذين نتحرك كأحجار الشطرنج من غير أن نعرف أننا أدواتٌ للطاغوتِ الأكبر أو الإله الأعلى كما يحلو له اللقب!!
- القيادةُ الرشيدة:
في أي زمنٍ يتواجد فيه الشيطان اللابشري «يزيد» فهناك ثمة ملاكٌ طاهرٌ على هيئة البشر يدعى «الحسين».. والناسُ حيال ذلك في سباقٍ مع الزمن.. البعضُ حجز مقعده ُمع «ابن مرجانة».. والبعض الآخر، لا يقرُ لهُ قرارٌ حتى يُعاهد «ابن الزهراء».. ليُوقع بدماء الشهادة على رأسه المقطوع بأنه من الأوفياء!
الحسين لا يزالُ صراطاً للأوفياء القلة.. أما سُبل الغي والنفاق، فالطوابيرُ فيه تتقاتل من أجل أن توصمَ في جباهها بالذلِ والاستعباد..
أولئك الذين تحرروا من عبودية الذات والأهواء، تحلقوا حول سراج الأطيار الحسينية الخلابة..
عقدوها ودفعوا أرواحهم رخيصةً لمن يستحق الروح والريحان.. إلى ذلك الإيمان والطهر والنقاء..
- ذات الشوكة:
لا يتخذون من الليلِ جملا.. أولئك الذين عاهدوا الله في أوقات السحر: «أن يثبت أقدامهم» بعد أن ينصروه.. كالنخلة التي لا تخشى سياط الشمس.. وإن تسعرت واحتدم وطيسها وشب أوارها أغلظت في قسوتها عليهم..
سيسيرون عكس الريح بدون قوارب سوى قوارب الحق والتقوى والصدق المنبعث من الإيمان الراسخ..
لقد كان العباس ابن أمير المؤمنين عليهما السلام منهجاً للصبر في خوض غمار طريق ذات الشوكة.. فأولئك الأحرار لا يرضون إلا أن يتتلمذوا على كفِ أبي الفضل وإن قُطعتا بسيف الغدر والظلم.. فهم لن يشربوا جرعةً واحدة.. لن يبُّلوا شفاههم الذابلة حتى ولو بمقدارِ مغرفة بعوضةٍ من ذلك الفرات..
سيدوسون على الشوكِ بأقدامهم العارية.. ستتشظى الأشواكُ تحت أقدامِ إرادتهم الصلدة.. هكذا سيكونون وإلا فالعباس منهم بريءٌ وهم منهُ بُراء!
- رسالةٌ إلى الطليعة:
كلما تعاظم العطاء منهم.. تضاءل الكبرياء في أعماقهم.. بل يتحولون إلى آلةِ بكاءٍ تحنُ في حنايا الليل.. من التقصير الذي يستشعروه.. أمام الخالق العظيم.. لقد تعلموا من السجاد دروساً يصعبُ على الحرف أن ينبس بها، فضلاً عن أن يتحدث عن بعض شفراته..
قلوبهم تحترق.. وقعُ نبضاتهم لا تعرفُ الهدوء.. أما عيونهم لا تستطيعُ أن ترى أنعم الله عليهم وهم لا يلهجون بالحمد والشكر.. بل يتيقنون أن شكرهم المتواضع يفتقرُ إلى عشرات الأطنان بل المئات من حبات الشكر التي لا تُساوي في جنب الله أي شيء يذكر..
وتتصلُ النبضاتُ الرساليةُ في الهواء.. كأنها تعرف لغةً قريبةً من إشارات «مورس» حينما تعرفت أن «الأرواح جنودٌ مُجندة».. تتلاقى أرواحُ الطلائع، بل تتلاصق لتكون جسراً واحداً.. وإن كانت الأجسام تُباعدها الظروف.. فالخطةُ موجودةٌ في صندوق الجمجمة والتنفيذ سيتم بعد قليل!