بين أنياب الثقافة
هل تأثرت ثقافتنا بثقافة الخارج ؟
نعم وللأسف نحن وخاصة في زمننا الحاضر نعيش حالة من الضعف أمام تلك الثقافات الخارجية والتي بلا شك أغلبها هدامة، فبدلاً من أن تقف ثقافتنا أمام تلك الثقافة الغازية.. نراها اصطدمت بها حتى غدت أسيرةً لها.
بالطبع لم يغدو الكل أسيراً...، ولكن تصدى لها العدد القليل، ممن لا يسمح لأي ثقافة غازية أن تدمر ثقافته وتدس لها السموم، خاصة وأننا نرى كيف أصبح أكثر الناس يتعايش مع تلك الثقافة الغازية حتى غدت الثقافة الغازية هي العقل المدبر والمفكر.
والدليل بلا شك واضح لمن دقق النظر فهو موجود في حياتنا في جميع الأمور وسأطرح أبسطها وأكثرها خطورة.
فاكبر برهان واضح ودليل مبهم هي: البرامج التلفزيونية. حيث أصبحت الثقافة الغازية تحارب ثقافتنا وتسعى لهدمها من خلال هذه البرامج وبالأخص برامج الأطفال، فنحن نربي أجيالاً ليكونوا شموع المستقبل لتأتي تلك الثقافة وبكل سهولة تهدم هذه التربية وتلك المبادئ والقيم ومكارم الأخلاق التي ينبغي التحلي بها من خلال برامج الأطفال..
قال أمير المؤمنين : (واحذروا ما نزل بالأمم قبلكم من المثلات بسوء الأفعال وذميم الأعمال، فتذكروا في الخير والشر أحوالهم، واحذروا أن تكونوا أمثالهم).. "أخلاقيات أمير المؤمنين. ص55"
أصبحت تدس سمومها لتدمر عقول أطفالنا، حيث نجد أن أغلب أفلام الكرتون لا تخلو من تلك المشاهد الخلاعية التي تهدم عقول أبنائنا الصغار، فلم يعد هنالك فرق بينها وبين برامج الكبار، فكيف نسمح لها بهدم وإفساد كل ما زرعناه وبذلناه لتربية أطفالنا؟!...
للأسف نحن نرى ونسمع، لكننا نقف فرجةً ننظر لفلذات أكبادنا يغرقون وينجرفون شيئاً فشيئا لتلك الثقافات الهادمة.
ومثالاً آخر: انظروا ألعاب (بلاي ستيشن) كيف جمدت عقول أطفالنا وخاصة من خلال تلك الألعاب القتالية التي جعلت أبنائنا في غاية العدوانية، انظروا كيف أن هذه الألعاب جمدت عقولهم..، فقبل ظهورها كان أطفالنا يفكرون ويبتكرون وسائل وألعاب مسلية لهم والآن تلاشى هذا كله مع الرياح .
هل سئلتم أنفسكم لماذا مثل هذه الألعاب ممنوعة لدى تلك الدول التي غزتنا بثقافاتها الهادمة؟؟!!..
ففي الولايات المتحدة يمنع بيع هذه الألعاب؛ لأنهم يعلمون مدى خطورتها على أبناءهم، ونحن وبكل سرور نرحب بتلك الثقافات الخارجة عن الثقافة الإسلامية البناءَة.
هنا سؤال يطرح نفسه من المسئول عن كل هذه السموم؟! هل هي ثقافتنا أم تلك الثقافة الغازية؟؟
بالطبع المسئول الأول والمتهم الأول (نحن) أصحاب هذه الثقافة الضائعة، فبدلاً من التصدي لثقافة الغرب وحماية مجتمعاتنا وأبنائنا من الوباء الذي بثته في عقولنا.. تخاذلنا وتهاونَّا في هذا الأمر حتى غدت ثقافتنا ومجتمعاتنا بل نحن أنفسنا كالأنعام التي تتبع من يرعاها دون أن تدرك إلى أين يأخذها وما هو الهدف، فالأنعام جُل همها هو المأكل والمشرب لكنها خالية من نعمة العقل، ولكننا نمتلك نعمة العقل ورغم ذلك لا فائدة... نعمل دون تفكير.
هكذا نحن وثقافتنا حتى غدونا لا نفكر في حاضرنا، بثقافتنا التي تشمل مبادئنا وقيمنا وأخلاقياتنا وكل ما حصدناه منذ مرحلة النشء حتى وصلنا إلى ما نحن عليه الآن، أصبحنا نحن أعواناً لتلك الحضارة والثقافة الغازية أيُ شيء تضعه بل تفرضه علينا نضعه نُصبَ أعيننا نتمسك به دون أن نبالي إن كان يتوافق مع نهج القرآن الكريم، وسنة الرسول دون أن نعي إن كانت تتوافق مع ثقافتنا أم لا!!.
لا بئس من أن نأخذ المفيد من تلك الثقافة لأنه قد يسهم في تطوير ثقافتنا ورقيِّها نحو الأفضل حين تندمج معها ولكن ينذر من يأخذ المفيد منها، فبدلاً من الوصول للقمم أخذت تتدنْى حتى أصبحت في الحضيض، حيث أصبحت السلبيات التي جاءت بها تلك الحضارة هي التي نتمسك بها ونحارب في سبيل الحفاظ عليها بدلاً من المواجهة والتصدي لها بكل ما أوتينا من قوة وبكل الوسائل المشروعة، ليس بالسيف والرمح لا بل بالعقل، بالكتاب والسنة و بحكمة الأئمة الهداة ولكن (فاقد الشيء لا يعطيه) بدلاً من التصدي ومنعها من هدم واقتلاع ما بقي من ثقافتا .
قد ينكر البعض هذه الحقائق ولكن هذا هو الواقع الملموس يدركه فقط من أراد الحقيقة أما من أغمض عدسة الحق عن ناظريه يستحيل أن يرى الصواب، لأنه حينها سيتنافى مع أهوائه وملذاته التي توافقت معها الحضارات الخارجية.
نسأل الله أن يوفقنا لما فيه الخير والصلاح وصلى الله على سيدنا وحبيبنا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.