المنهل العذب كثير الزحام
إذا كانت النحلة الحشرة الصغيرة الحجم الخالية من المشاعر والأحاسيس الفاقدة للإدراك والحس البشري تعشق الجمال ، فلا تلقي كتلتها إلا على الزهرة الجميلة صاحبة الرائحة الزكية، وذلك وفقاً للميكنزما (الآلية) التي أودعها الله تبارك وتعالى ، فجعلتها مميزة للزهور النامية في الحقول ، فكيف بالنفس _ الروح_ الإنسانية؟!
نعم، فكيف بالنفس الإنسانية التي كرمها الباري جلت قدرتها عن سائر المخلوقات الأخرى بالتفكر والتدبر وذلك وفقاً للعقل الإنساني الذي حباه الله إليه ؟
فهذه النفس عرفت بطبعها الميّال إلى كل ما هو جميل وبراق، صافي ورقراق تلعب الدور نفسه الذي تقوم به النحل أثناء عملية تصنيعها العسل ولكن الفرق في نوعية الزهور التي تبحث عنها، فهي تبحث عن الورود الإنسانية بدلاً من الورود النباتية.
فلا تنجذب النفس إلا للنفس التي تنبعث منها روائح الأخلاق الحسنه، الأخلاق والسلوكيات الإلهية السماوية، التي تُصّنع عسل السلام، الأمان والطمأنينة في محيطها الذي تقطنه.
وإذا كانت النفس تنجذب لهذه الطائفة من البشر، فالأولى أن تكون هي مرآة صافية تعكس هذه الصورة الحسنة في ثناياها إلى أن تترسخ وتحفر صورتها بعمق في جدار الروح.
والنتيجة ستكون التفاف الناس حوله في الدنيا فكما قال المثل القديم ( المنهل العذب كثير الزحام) وحرمت جسمه على النار في الآخرة كما قال أبا الزهراء محمد صلى الله عليه وآله في حديثه ( أتدرون من يحرم على النار؟ كلّ هيّن ليّن سهل قريب) .
والآن لك الخيار أيها القارئ الكريم .. أن تختار لنفسك لقب الزهرة العبقة بالرحيق الطيب أو نظيرتها.
