لو عاد بك الزمن للوراء ! ..
لو عاد بك الزمن للوراء قليلاً فهل يمكنك تغيير ظروفك التي مرت بك؟ البعض حين تسأله يؤكد لك أنه سيقوم بالمعجزات وسيغير وسيبدل وجه الكون ، وأنه لو كان يعرف بمآل الأمور لأحدث وأبدع وتنوع وهذا طبعاً لمرارة ما حصل معه، بينما البعض لا تنقله الفكرة لأبعد من حدود خطواته ، وآخرون يفكرون بأنهم سيتعلمون من تجاربهم الماضية وأنهم حتماً سيفيدون منها ، لكن هل فعلاً لو أتيحت لنا فرصة العودة من جديد فهل نمتلك القدرة على تلافي الأخطاء أو على الأقل تحجيمها ؟ ، وهل سيدرك أحدنا بأنه لن يضعف مرة أخرى ولن يسيء لنفسه بالطيبة الزائدة التي تمكن الآخرين من ارتقاءه أو الإساءة لمن حوله بإيذائهم ؟، لا أعتقد بالرغم من كل ما يقال بأن الإنسان لو رجع للماضي وامتلك أن يفتح صفحات الزمن قادر على أن يكون مختلف عما قام به، ببساطة لأنه لم يصنع تلك الخبرة التي علمتها له التجارب وصقلها له الزمن ولم يمتلك عنصر المرور بالتجربة التي تعطيه حصانة المعرفة والدراية الكافية بما هو جيد وما هو سيئ وهنا مقولة شهيرة لأحد علماء الاجتماع يؤكد فيها هذا الأمر بقوله " الإنسان لا ينزل النهر مرتين " ففي كل مرة يتغير مجرى الماء والزمن وحداثة شعور المرء نفسه عن أول مرة نزل فيها النهر لأنه كون خبرة عند نزوله في المرة الثانية عن الأولى، ونفس الشيء أكده القران الكريم حين يسال الإنسان ربه الرجعى فيقول ﴿حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ ،لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾، وما قد يؤكده بعض الناس من أنهم لو عادوا وعاد بهم الزمن .... لهو ردة فعل طبيعية لمن يعرض عليه مثل هذا السؤال أو حين لا يكونوا راضين تماماً عما حصل معهم ، بدليل أن البعض قد يدرك وقت غضبه وتهوره بأنه يوشك على ارتكاب حماقة ما، لكنه مع هذا الإدراك لا يتراجع عنها !، وبعضهم يتحصل على إيذاءات متكررة ممن حوله ومع هذا حين يشعر بحاجتهم إليه يعود ويساعدهم بنية صافية ، ربما لا يمكننا تصنيف كلا الأمرين بالتهور والسذاجة فطبيعة الإنسان وفلسفته في الحياة هي التي تحكم الأمور غالباً لتفصل بينها ، ومن ثم تأتي الخبرة في النهاية لتعدل الموازين وتحدث نوع من الوعي والنضج لديه تساعده على أن يفيد منها ومن متغيرات حياته في المستقبل .