عندما يحتضر التاريخ فينا
هناك حكاية لطيفة قراتها ذات يوم لفتاة لم تتجاوز السادسة عشر تحكي فيها عن متسول فقير يقطع الطرقات، وذات ليلة باردة عجز المسكين عن استدرار عطف الناس فلم يعطه احد حتى هلك الرجل من الجوع والبرد، وفي الصباح عندما راى المارة هذا المنظر المؤلم لرجل مسن فقير اهلكته الفاقة وعجزت حتى عن تأمين رمس له، اخذ الجميع يرمون عليه القطع النقدية حتى تغطى الرجل الميت بدراهم المحسنين!!
وهذه هي مأساتنا كبشر!! وهذا هو مكمن الخطر في هكيليتنا كشعوب وامم!!
اكتب اليوم لاجل رجل لم اره في حياتي ولكنى قرأت له، وقرأته من خلال كلماته فوجدته انسان قبل كل شيء ثم قلم عراقي يرنو الى السماء روعة وألقا، ثم مغترب فارق الوطن والاهل يعيش على ارض غريبة والغرباء فقط يدركون معنى الغربة.
اكتب اليوم لاجل الدكتور البرفسور الصائغ الرائع الذي هو مفخرة من مفاخر العراق، وعلم من اعلامه... يعاني من مرض اعجزه عن العطاء والحركة ولكنه لم يستطع ان يعجزه عن الابداع.
انا لااكتب رثاء ولا مدح ولا اريد استدرار عطف احد او استجداء مساعدة لهذا الرجل، بل اني اطالب بحقه!!
حقه على المثقفين واصحاب العقول والضمائر والاقلام... حقه على العراقيين في المهجر والداخل... حقه على الدولة العراقية وعلى مؤسساتها في كل مكان.
لماذا نحتفظ بالاثار في متاحف خاصة ونضع عليها حراسا واقفال، وهي لا تعدو سوى قطع جمادية ولكنها تحمل تاريخ وما يهمنا هو نبض التاريخ فيها، فكيف بالانسان الذي هو انسان بما حباه الله من كرامة ومجد وقدسية اذا ضم الى كل هذا نبض التاريخ في قسماته.
انا اتحدث عن الصائغ التاريخ قبل ان اتحدث عن الصائغ الانسان. انا اطالب بحق الصائغ كتراث حضاري للامة العراقية قبل مطالبتي بحقه كمواطن عراقي.
يا سيادة رئيس الجمهورية الطالباني المحترم، يا من اردت تلبية طلب المجرم البرزاني بخروجه الى العراق للمداومة تلبية لحقوق الانسان، ألا ترى من ضرورة وطنية وانسانية وتاريخية تحتم عليك تلبية نداء الصائغ في علاج يعيد اليه الحياة؟!
يا سيادة رئيس الوزراء المحترم، وقد عهدنا بك رجل مثقف وانسان شفاف رقيق، ألا ترى في تلبية نداء الصائغ استجابة للتاريخ فينا؟!
يا كل المسؤولين ومن يهمه الامر ومن يستطيع ان يفعل شيئا، ان الامم حضارتها مقرونه بنتاج ابنائها، والتاريخ يصنعه الرجال، وهذا ابن حضارتنا ورجل تاريخنا لان رجال العلم والثقافة والابداع هم صناع التاريخ قبل رجال السياسة، هذا هو ابن العراق يطالب بحقه.
نعم، نحن نطالب بحق الصائغ... حقه في العلاج والحياة.... يامن تريدون بناء دولة لا يضيع فيها حق احد.
نحن والصائغ ننتظر تلبية هذا النداء.