الخانق المجهول
تعجز الأقلام عن كتابة ما يخالج شعور كل إنسان، ولا يوجد عالِم على هذه الأرض يستطيع أن يكتشف ما يوجد بداخل ذلك الإنسان، فسبحانه وتعالى هو عالم كل شيء في هذه الحياة..
كما لا يمكن لشخص ما أن يحدد ما يريده الطرف الآخر إلا إذا باح الطرف الآخر بما يحس ويشعر أو بما يريد أو ما هو هدفه في هذه الحياة. نعم الهدف الذي يحقق كيانه على هذه الأرض والذي به يثبت وجوده في هذه الحياة والذي من خلاله يستطيع أن يكوِّن نفسه ويساعد مجتمعه على التطور من خلاله خصوصا إذا كان الهدف سامياً ينال به رضوان الله تعالى. لقوله تعالى في كتابه الكريم: ﴿ وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ﴾[1] .
وقد تتعدد الأهداف بحسب اختلاف الشخصيات الإنسانية فمنهم من تكون أهدافه سطحية والعكس صحيح فالبعض يتمنى أن يتزوج وتكون لديه عائلة سعيدة فيسعى لتحقيق هذا المبتغى في حياته ليحصل عليه ولكن هل تقول له: أن لا ينبغي أن يكون هذا هدفك، أو اذهب حقق هذا الهدف لكن اسع لهدف اجل وأسمى منه.. هدفا ينمي روحك ويساعد في رفع مجتمعك الصغير في آن واحد.
قد تتساءل ونتساءل ما هو الهدف السامي الذي نبحث عنه؟
نجد الكثير في الوقت الحاضر يسعون لطلب العلم، فالعلم أساس كل إنسان وكل بيت وكل مجتمع سواء في الشرق أو الغرب على هذه الأرض، فهناك في الغرب يسعون كثيرا لطلب العلوم المتنوعة ولكن نحن هنا في الشرق ماذا نطلب؟ أو ليس علوم أهل البيت أحق بالتعلم؟
فهي غذاء للروح والجسد معا، وأيضاً دراسة العلوم التي توصل إلى معرفة حقوقهم وكرامتهم أهل البيت لقول الإمام علي : «إن العلم حياة القلوب ونور الأبصار من العمى وقوة الأبدان من الضعف»..
ولسنا هنا للتنقيص من العلوم الأخرى فكلا منهما مكملا للأخر، ولكن لنقول بالعلوم أكثر نفعا في الحياة الدنيا والآخرة معا، فالإنسان دائما يسعى للأفضل وخصوصا إذا كان ذلك من اجل القربى من الله تعالى ولأن قيمة المرء فيما تعلمه وعلمه وعلى هذا يدل قول الرسول : «أكثر الناس قيمة أكثرهم علما، واقل الناس قيمة اقلهم علما»، فالسعي إلى العلم أمر مطلوب.
ونرى الآن الكثير من الأماكن المفتوحة لتلقي العلوم النافعة. فبالإرادة يحقق المرء ما يريد وطموح الفرد للكمال يوصل إلى المبتغى. فأرى الكثير من تختلف نياتهم في الذهاب إلى هذه الأماكن، فالبعض يقول:
«صديقي هو الذي أتى بي إلى هنا»..
والبعض الأخر: «الضغوط العائلية هي التي أخرجتني من المنزل وجعلتني احضر إلى هذا المكان».
وغيرهم من يقول: «سئمت الملل والجلوس في المنزل فلعل بحضوري إلى هذا المكان اقضي عليه».
ومجموعة تقول: «حضورنا إلى هنا للتعلم والتزود بالمعرفة وللقربة من الله تعالى».. وهذا هو الصواب.
ولكن هل نقول: إن أفكار البعض للخروج للتعلم بسبب ضغوظ أو أسباب أخرى تجعله يحافظ على وضعه، أم يتغير مع استمرارهم في الحضور إلى تلك الأماكن؟
قال الرسول : «من سلك طريقا يطلب فيه علما سلك الله به طريقا إلى الجنة». فالإنسان مهما كانت ظروفه صعبة أو وجد أحدا يدفعه للخارج فلابد أن تكون نيته صافية خالية بقدر الإمكان من الشوائب، فلا نجعل ظروفنا تحتم علينا فعل هذا الشيء وإنما إرادتنا هي التي تريد ذلك، ومع كثرة طلب العلم في كل زمان ومكان إلا إن البعض يتوقف أو ينقطع أيا كان سبب دخوله إلى ذلك المكان.
فقد قال تعالى: ﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ﴾[2] .
فلماذا هذا الانقطاع؟ ونحن نحاول أن نتقرب من الله سبحانه، فكثيرون تكثر الحواجز أمامهم أو هم من يصنعون العثرات في طريقهم بأنفسهم. فالتردد والخوف والقلق والكآبة والملل وغيرها تعترض الكثيرين.
فهل كل من تصيبه حالة من تلك الحالات يتوقف ولا يعاود يعمل شيئا في حياته؟
فالبعض يقول: «لا أجد أحدا معي فأتردد في الحضور باستمرار، فلا يوجد دافعا لحضوري»..
وغيره يقول: «أخاف من أن عائلتي تمنعني من الحضور إذا تأخرت في الرجوع إلى المنزل»..
فيعيش حالة من الخوف والقلق، وغيرها الكثير من الحالات التي ربما تمنع البعض من الحضور ولكن هل أقف أمام هذه العثرات ولا أتابع طريقي نحو السير للأفضل؟.
مهما كانت ظروف الإنسان صعبة وهو يحاول السعي إلى شيء يرضي الله ورسوله فان الله سبحانه يكون معه في كل خطوة يخطوها وييسر له طريقه خصوصا إذا كان هذا الشخص يسعى للقربة من الله تعالى.
قد قال الشاعر:
وذو العقل يشقى في النعيم بعقله واخو الجهالة في الشقـاوة ينعـمُ