التلاعب والسفر المقدس !
السفر من الأمور المحببة فهو مريح للنفس مجلي للهم والكرب، وليس هذا فحسب فأن أمير المؤمنين يعد مجمل فوائده في خمسية رائعة فيقول :-( تغرب عن الأوطان في طلب العلى وسافر ففي الأسفار خمس فوائد
تفرج هم واكتساب معيشة وعلم وآداب وصحبة ماجد) [1] .
وامتثالا لذلك صارت الناس تسافر في سائر أيام السنة بالخصوص في شهر رمضان المبارك والإجازات الصيفية وغيرها ... ويكثر السفر ولاسيما إلى الأماكن المقدسة إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة والجمهورية الإسلامية الإيرانية ... الخ.
والبعض بهذا السفر يبغي وجه الله تعالى وثوابه وتوطيد الصلة بينه وبين محمد وآله.
وهذا القسم من الناس لاكلام عنه وفيه ،وإنما الكلام عن القسم المعاكس والمضاد لهذا القسم من أولئك الذين يسافرون إلى أماكن مقدسة وليس لهم هم أو تفكير إلا هم الوصول ليقومون بأعمال بعيدة كل البعد عن الهدف الحقيقي من هذا السفر وعن قدسيته وروحانيته .
وفي الآونة الأخيرة انتشر هذا النموذج من السفر الذي يكون بعنوان السفر المقدس وهو يحمل في طياته نوايا دفينة ومبيتة غير النية الحقيقية للسفر الذي ذهبوا من أجله ،وكأنهم يتناسون قول المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم :( إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ مانوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته إلى تجارة يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه) [2] .
وعلى كل حال هناك عوامل ساعدت على انتشار هذا النوع من السفر لدى البعض الذين نحن في صدد الحديث عنهم فمن يسافر منهم غالباً يكون سفره تحت (غطاء السفر المقدس) لأنه لوقال الشاب أو الشابة سأذهب للسياحة منفرداً سيرفض الأبوان حتماً ولكن تحت غطاء الزيارة والعبادة يقبل الأبوان فيذهب الشباب والشابات من غير حسيب أو رقيب . . ويحدث مايحدث .
فإذاً من عوامل ظهور أو انتشار هذا السفر قبول الوالدين من دون تحقق من نية السفر لمن يريد الذهاب سواء شاب أو شابة صغيراً أو كبيراً.. وهنا تقع المشكلة .
فمثلاً هؤلاء عندما يذهبون إلى هذه الأماكن بهذه النية لاتكون لديهم نية الزيارة أنما يذهبون لمجرد اللعب والتسلية – ويظهر ذلك جلياً مع أول نظرة إلى إي واحد منهم – فبدل من أن يحمل معه كتاب للأدعية والأعمال العبا دية تراه يحمل مسجل صوت وقدأرتفعت الأغاني منه إلى حد الصخب ... مما يدعو إلى اشمئزاز النفس ونفورها . ناهيك عن الألعاب الأخرى ولو دخلت عليهم غرفتهم في داخل سكنهم في تلك الأماكن المقدسة ﴿ لوليت منهم فراراً ولملئت منهم رعباً ﴾ [3] . من كثرة الأدخنة التي تلفهم من شرابها .
والذي أوصل الحال على ماهو عليه من الذين من المفترض أن يكونوا قدوة لهؤلاء ، فبعض الآباء أو الشباب بمجرد أن ينزل أو يصل إلى البقعة التي قصدها، فوراً بدأ في البحث عن زواج المتعة وكأنه أتى لهذا الشأن أو الهدف لا للزيارة . والأم أو الشابة تتجه إلى الأسواق، والأبناء أو الشباب يلهون فيما تحدثنا فيه منذ قليل !! إذاً من تبقى للزيارة ياترى ؟. ولكن نقول كما يقول بعض الآباء (لوخليت خربة) فهناك من يأتي للقصد الزيارة . ولا ننسى أننا ذكرناهم في بداية كلامنا.
ودائماً عندما نناقش موضوعاً نتكلم على من تقع المسؤولية فيما يقام ويرتكب وتحدثنا عن جانب الأبوين ... إلا أن وفي هذا الموضوع هناك جهات أخرى واقعاً ذات علاقة – ونخص بالذكر صاحب أو المسؤول عن تيسيرا لحملة ( الحمل داري) الذي يدير الحملة .
فهو أيضاً مسؤول مسؤولية كبيرة في إدارة الحملة بل هو المدير التنفيذي لها فعليه السؤال والتفقد عن أحوال المسافرين فمن المفترض لو رأى شاباً أو شابة دون مسؤول أو محرم فلا يقبل بهم مسافرين معه .
فهذه مسؤولية كبيرة أمام الله تعالى ويجب أن لاتكون وظيفة الحمل داري هي جباية الأموال فقط .
فلو سافر نفر بسيط أو قليل فمن المستحب تأمير احدهم عليهم كما ورد في بعض الروايات ، فكيف يكون الحال وأنت تدير قافلة بأسرها.
والله العالم كم هو العدد الذي تضمه فلا تنسى قول المصطفى :- (كلكم راع وكلم مسؤول عن رعيته ) [4] .
فعندما كانت قضية ذلك الشيخ الذي جاء لينصح الشباب في تلك الحملة في سفرها إلى المدينة المنورة من عدم رفع أصواتهم وهم يعربدون في لعبهم ولهوهم عندما فتح عليهم الباب ووجه لهم النصيحة وإذا أحدهم قام وركل الباب في وجه الشيخ مما أصاب الشيخ بصدمة نفسية فتوفى على أثرها (ره) ، والقضية مشهورة والشيخ معروف عندنا في الاحساء .
فينبغي أخذ الدروس مما يحدث – وأن لايكون همنا هو استلام مبلغ الرحلة فقط ... وباقي المسؤوليات أركنها – ويجب على الوالدين التحقق من نية أبنائهم ويكون لديهم أهتمام خاص بزيارة النبي الأعظم وأهل بيته الأطهار عليهم السلام أج .