لم تُظلم أيها الشيرازي .. بل أنفسهم يظلمون
لما كان علماء الدين ومراجعه العظام من الفقهاء العدول والعاملين هم الورثة الأمناء لمسيرة الأنبياء والأئمة الأطهار من آل بيت الرسول الأعظم محمد في حمل الرسالة الإلهية وتطبيق شريعة الإسلام بمجمل أحكامها ومبادئها وقيمها في حياة وسيرة الأمة، حيث الحديث الشريف: (الفقهاء حصون الإسلام) و(علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل).
ومن هنا فإن من الطبيعي أن يتنبه ويستشعر ويُحترم أبناء الأمة المسلمة كافة، وخاصة ممن هم في مراتب الدين ومواقع الوعي والمسؤولية إلى المكانة القيمة والدور الواجب الذي يقع على عاتق كافة مراجع الدين وعلماء الأمة الأعلام في التصدي للعمل المرجعي ومسؤولية الأمة .
ولكن من غير الطبيعي اهانة علماء الدين وفق متطلبات عرقية وانتمائية رخيصة الثمن . فهل حدث مثل ذلك ؟؟؟
حديثنا يدور في فلك أحد عظماء القرن ، وهو الامام الراحل السيد محمد الحسيني الشيرازي "أعلى الله مقامه " .
واللغز: هل ظٌلم الامام الشيرازي " قدس سره" ؟
الجواب : نعم
- ولكن اللغز الأكثر تعقيدا يتمركز فيمن ظلم الامام الشيرازي ؟!
إن من المؤسف والمؤلم حقاً أن يحصل مثل ذلك في عالمنا المعاصر، وفي واقع ديننا وأمتنا اليوم، وبالذات في بلد يرفع عنوان وراية الإسلام، ويعي شعبه وقياداته العلمائية والفكرية والمسؤولة، والمنتسبه لمذهب أئمة آل بيت الرسول الأعظم محمد (صلى الله عليه وآله) الذي يقر بوضوح دور ومسؤولية علماء الدين في مرجعية قيادة الأمة وحفظ وصيانة الإسلام العزيز، والنظر إلى العلماء الفقهاء والمراجع العظام بعين واحدة ومقياس منصف، دون أي تمييز أو حساسية أو تفريق لا يقوم على أسس شرعية ومنطقية وان وجدت التباينات والاختلافات في الرأي والمنظور والطروحات، ذلك أن الاجتهاد في الإسلام وعند الشيعة على وجه الخصوص هو أمر مفتوح ومتاح لمن أراد بلوغه والحصول عليه، فيما التصدي للمرجعية هو تكليف لمن يستطيع أن يتصدى وفق الشرائط التي يحددها فقه الإسلام والشيعة، فيما يتوجب إتاحة الحرية الكاملة للأمة أن تقوم بدورها في انتخاب المرجع الذي ترضاه وفق مقاييس التقوى والعلم والعقل.
فأنا لا أريد فتح الصفحات العجيبة في مظلومية هذا المرجع العظيم ولكن ثمة تساؤل عن المسؤول عن هذه الظلامة ؟!
هل أن للدولة اليد الطولى أم هناك أشخاص ام ماذا ؟؟
عموماً الشمس لا يحجبها الغربال . والحكم بعد المداولة .
المناسبة التي جاء بها هذا الحديث، هو الاستغراب والدهشة الكبيرة مما تضمنته خطب وبرقيات التعزية التي صدرت عن العديد من كبار القيادات الإسلامية الإيرانية برحيل المرجع الشيرازي ، وبما كشفته من أسرار وحقائق مضيئة، جعلت الملأ يتفاجئ بهذا الطرح والشرح الذي طالما ظل محجوباً وخافياً عليه دون وجه حق أو سبب مشروع أو عذر مقنع، ومن هنا جاءت تساؤلات كبيرة عن أسباب كل ذلك، وعن الدوافع والأغراض والجهات التي تقف وراء هذا الظلم والتشويه وتغييب الموقع والدور الذي لحق بالمرجع الشيرازي المظلوم، ولماذا؟
ولنقرأ معاً ما جاء في جوانب من بعض تلك الخطب والبرقيات لنترك للرأي العام الإسلامي وسائر علماء وقيادات الأمة الموقف والحكم والله تعالى وحده هو الرقيب والحسيب.
أحد رجال الدولة المهمين جداً قال في جانب من برقية تعزيته: (إن هذا العالم الجليل سخر سني حياته في العراق وإيران في طريق الجهاد السياسي والثقافي لإعلاء كلمة الإسلام وترويج مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) وبذل جهوداً حثيثة).
أما الخطيب الشهير سماحة الشيخ الحيدري الكاشاني، الذي ألقى خطبته بالنيابة عن القيادة الايرانية، فقد أشاد بتاريخ الإمام الشيرازي الجهادي الطويل في الدفاع عن الإسلام ومصالح المسلمين، منتصراً لقضاياهم المصيرية وخصوصاً في ما يرتبط بالعراق وبقضية فلسطين والقدس الشريف. ثم تحدث عن أهم موضوع أثار فيه الحضور، حيث تناول بإسهاب تاريخي عريض مساهمات الإمام الشيرازي في قيام وانتصار جمهورية إيران الإسلامية، وجهاده الطويل ضد شاه إيران السابق وجهاد عائلته تاريخياً ضد أسرة بهلوي حكام إيران سابقاً، ودفاعه الشخصي عن مؤسس الجمهورية الإسلامية الإمام السيد الخميني (قدس سره)، وذكر الجماهير الإيرانية في هذا الصدد بفضل الإمام الشيرازي في إنقاذ حياة الإمام الخميني شخصياً عندما أراد شاه إيران محمد رضا بهلوي إنزال حكم الإعدام به، وذلك حينما سارع الشيرازي وأبرق مخاطباً علماء وقادة الدول الإسلامية ودول العالم قاطبة بالتدخل في الأمر، مما شكل ضغطاً هائلاً على شخص شاه إيران الذي اضطر للتراجع عن قرار حكم الإعدام واستبداله بقرار إبعاد السيد الخميني إلى تركيا .
وأضاف الحيدري الكاشاني في خطبته بالقول: (إن الفقيد السعيد وضع كافة إمكاناته تحت اختيار الإمام الخميني لدى هجرته إلى العراق مبعداً من إيران ليكون مصداقاً للأنصار، فيما جسد المفهوم القرآني للمهاجرين في سبيل الله عندما قدم الإمام الشيرازي إلى إيران وأصبح بذلك ذا النورين).
بعد كل هذا !! من المسؤول عن ظلامة الإمام الشيرازي " قدس سره " ؟!
يبدو أن الكلمات التأبينية للمسؤولين الإيرانيين تنظر إلى المصلحة القومية للدولة ، دون النظر إلى مصلحة الأمة جراء فرض الإقامة الجبرية على العلماء الأجلاء ومن بينهم الإمام الشيرازي الراحل قدس سره . يبدو أن معاول الوحدة الإسلامية تعطلت متراسها!!
أخيراً أحبابي ماهوالحكم النهائي في هذه القضية الغامضة" "؟!
دمت حياً وميتاً أيها المجدد الشيرازي العظيم .