العصبية العربية الفرسية تهدد الخليج
على شعوب المنطقة العرب وكذلك الفرس والأكراد والأتراك وغيرهم الاعتراف بالآخر كما هو واحترام ثقافته، والا ينشغلوا في القضايا الجانبية الخاسرة، ومنها إثارة النعرات القومية والطائفية، أو الاستسلام لمن يعمل على سياسة فرق تسد، أو للعصبية والحقد لمجرد الاختلاف.
نشرت الصحف المحلية خبرا عن رئيس دولة الاحتلال الإسرائيلية شيمعون بيريز يقول فيه: "الصدام العربي وإيران حتمي، فإيران تسعى للسيطرة على الشرق الأوسط"، ويأتي هذا التصريح في سياق اتهامات النظام المصري لحزب الله، وما تشهده المنطقة من تصعيد اللهجة العدائية لجعل القضية المذهبية (التشيع) وإيران ومن يسير في مدارها العدو الوحيد الأكبر والأخطر على العرب.
من جهة أخرى أكدت مصادرنا الخاصة بان الحياة البحرية وبالتحديد الثروة السمكية في مياه الخليج تشهد تراجعا هائلا في الفترة الحالية لأسباب عديدة والكل يعرفها (..)، وان أهم الأسباب تعود للصراع الدائر فيما بينها (الحياة البحرية) بسبب الاختلاف والعصبية والتعصب، حيث انقسموا إلى قسمين، هناك اسماك تدعم الحق الإيراني الفارسي، وهناك من يدعم الحق العربي، وقد استخدم كل طرف من الأسماك جميع الآليات والأساليب والأسلحة المتوفرة لحسم هذه المعركة لصالحه، والتي أدت إلى تلوث المياه ومقتل الملايين منها داخل المياه، و إلى نقص حاد في مستوى الحياة البحرية، وهناك قلق وخوف أن ينتقل الصراع إلى السطح والبر..، وأوضحت مصادرنا بأن الفرد الخليجي (العربي والفارسي) وبتشجيع خارجي هو من يقف وراء هذه المؤامرة التي تريد الدمار والتدمير للخليج وللحياة البحرية، من منطلق التعصب.!!
عزيزي القارئ هذه المقدمة...، تعبر عن مدى خطورة ما يحدث، من إثارة قضايا وملفات واصطناع حالة العداء والتوتر والاصطدام بين الشعوب العربية والإيرانية، منها تسمية الخليج وقضية الجزر والتدخل في الشؤون الداخلية والبرنامج النووي وما يسمى بالسيطرة على المنطقة...، واثارة النعرات الطائفية الشيعية والسنية، في ظل سيطرة العاطفة والتعصب غير العقلاني لدى أبناء القومية العربية أو الفارسية، في إثارة قضايا لا تخدم شعوب المنطقة والتي تحولت إلى ثغرة ليتدخل من خلالها المتربصون لاستغلال المنطقة واللعب على جميع الأطراف، بطريقة فرق تسد.
لقد تحول التعصب في الفترة الأخيرة إلى مرحلة خطيرة والى حرب إعلامية، وأصبحنا نقرأ في بعض تلك الوسائل الإعلامية أخبارا لا تخلو من العصبية والإساءة والتشويه (...) وهذا يدل على مدى التعصب الخطير.
ما يهمنا في الأمر إن منطقة الخليج ـ وأهلها من القومية العربية والفارسية وغيرهم ـ تتعرض لمخاطر كبيرة، وأهمها المخاطر البيئية التلوث بسبب الصناعة النفطية والحروب، والاستغلال من القوى العالمية، وجعلها منطقة توتر دائم، ومنطقة معرضة للاشتعال في أي لحظة، بعدما شهدت خلال العقود الثالثة الماضية عدة حروب سببت أضرارا فادحة على مياه الخليج والحياة البحرية وعلى المواطن الخليجي العربي والفارسي، ولو وقعت حرب جديدة فانها لن تميز بين ابن المنطقة (العربي أو الفارسي) وبين السمك والروبيان وبين الشجر والحجر، ولن تضع المخاطر والتحديات اعتبارا لأسمه الفارسي أو العربي.
والأمر الأكثر أهمية من البحث عن مصالح وقتية هو الإنسان الخليجي، أما الأكثر خطورة هي محاولة البعض لفتح باب الصراع القومي بين الشعب العربي والفارسي والزج به في صراع وحرب، ومن يتابع بعض الوسائل الإعلامية يرى مدى التشنج والتوتر، ومحاولة البعض في صناعة عداء بين أبناء الشعب العربي والإيراني، بل البعض استخدم القومية كإساءة والأكبر من ذلك إلصاق أبناء الوطن الأصليين المخلصين بالقومية الأخرى لمجرد الاختلاف في الفكر والمذهب، فالدول الخليجية العربية يوجد فيها تعدد مذهبي وعرقي فهناك من أصولهم غير عربية من شرق أسيا ومن أفريقيا ومن تركيا ومن إيران، ولكن استخدام بعض الوسائل الإعلامية للطعن والتشويه والإساءة لكل ما يرتبط بالفارسية أمر في غاية الخطورة، لاسيما إننا أصبحنا نقرأ ونسمع بعض العناوين التي تفوح منها رائحة الحقد والكراهية مثل: عودة الإمبراطورية الفارسية المجوسية، الفرس عبدة النار، الصفوية الرافضية، وربط أي شيعي عربي بالتبعية والعمالة لدولة إيران...، وهذا له مخاطر خطيرة على الوحدة الوطنية!!.
وقد أظهرت تلك الحملات مدى جهل البعض من آهل المنطقة بدور المسلمين من القومية الفارسية في نشر الدعوة الإسلامية وبناء الحضارة الإسلامية، فالصحابي الكبير الجليل سلمان الفارسي من اقرب الصحابة إلى الرسول وقال عنه "أنت منا آل البيت" ولقب بـ سلمان المحمدي بسبب ما يحمله من صفات محمدية ولدوره الكبير الذي قام به وإيمانه، كما إن أئمة المذاهب الإسلامية السنية وأصحاب أئمة كتب الروايات التي يعتمد عليها المسلمين البخاري والترمذي وغيرهم من أصول فارسية، وعباقرة اللغة والأدب العربي واغلب علماء المسلمين في جميع العلوم من أصول فارسية من أمثال: سيبويه والكسائي وابن المقنع وابن سيناء والخوارزمي وغيرهم. ولغاية الآن إيران هي من تقف بصف الدول العربية في قضيتهم الحيوية والإستراتيجية القضية الفلسطينية، وتدافع عن ذلك الحق.
كما نحن العرب في الدول العربية نعيش في الضفة الغربية من الخليج، ففي الضفة الشرقية للخليج تقع إيران التي تمثل الإمبراطورية والحضارة الفارسية صاحبت التاريخ المتجذر، وشعبها الفارسي الذي يصنف بأنه من أكثر شعوب العالم تمسكا وتعصبا لقوميته وتاريخه وحضارته ولغته، كما ان وجودهم على أرضهم حقيقة لا يمكن لأي من كان أن يحرمهم منها، أو يمنعهم من تمسكهم وتعصبهم لتاريخهم وحضارتهم، أو يمنعهم من إطلاق اسم الخليج الفارسي، أو يمنعهم من التطور والتقدم العلمي، فكما للآخرين من أي شعب أو دولة أو قومية ومنها العربية أن تفتخر بنفسها وتاريخها وحاضرها عندما يكون مرصعا بالنجاح والمكتسبات في جميع العلوم.
والشعب العربي من حقه التمسك بكل ما هو تاريخي ومكسب فالعرب لن يقبلوا بان تأتي دولة غير عربية بإطلاق اسمها على البحر الأحمر، ولن تقبل باستبدال اسم بحر العرب رغم وضع العرب الممزق والمشتت والضعيف.
إذن على شعوب المنطقة العرب وكذلك الفرس والأكراد والأتراك وغيرهم الاعتراف بالآخر كما هو واحترام ثقافته، وان لا ينشغلوا في القضايا الجانبية الخاسرة ومنها إثارة النعرات القومية والطائفية، أو الاستسلام للعصبية والحقد لمجرد الاختلاف، وعلى العرب البحث عن ما يجمع ويربط ويوثق العلاقة مع شعوب العالم ومنها الشعب الإيراني الذي يعتبر أقرب شعب للعرب الصديق والجار والشريك، الذي شارك مشاركة فعالة في بناء الحضارة الإسلامية، بفضل ما يحمل من حضارة، وعلينا أن نفكر في مصالح ومستقبل شعوبنا، وعدم الاكتراث بكلام ومصالح أعداء شعوب المنطقة من عرب وفرس، مثل الترويج بان الحرب بين العرب وإيران حتمية.
إن كان العرب يبحثون عن مجد عليهم أن يستعدوا جيدا، فالعالم مليء بالتحديات، والعالم لا يعترف إلا بالأقوياء والواقعية. وقد حان الوقت لكي نعمل بعقلانية لإغلاق هذا الملف إلى الأبد، كي لا نضيع أكثر من هذا الضياع، وينبغي التفكير بجدية أكبر لراحة المواطن الخليجي عربي أو فارسي أو غيره مهما كان عرقه وملته.