التغيير الاجتماعي... حالة ملحة
التغيير الاجتماعي يعتبر حالة ملحة في المجتمعات ، وذلك لتغير ظروف الحياة الاقتصادية والصناعية والسياسية وكذلك التغير الذي طرأ فجأة في الحياة العامة عبر ما يسمى العولمة بمفهومها الواسع ، وقد وردة مفردة التغير في القران الكريم "قال تعالى (...إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ.) والتغير الاجتماعي لدى الاجتماعيين اصطلاح للتعبير عن ظاهره التحول والنمو والتكامل والتكيف والملائمة, مما دفع هؤلاء العلماء إلى استخدم مفهوم التغير الاجتماعي على انه لا يوحي بإحكام تقويميه عما هو أفضل وما هو سيئ أو ما هو خير وما هو شر ولكن يقرر الواقع المجرد كما هو فعلا في المجتمع.
ولعل لو رجعنا الى تصفح سيرة الرسول والحياة الاجتماعية التى بعث فيها وما يسود فيها من جهل مغدق والحياة الصنمية والوثنية التى أصبحت متقلقله لديهم ، وتفكك المجتمع الجاهلي وسيطرة الأثرياء وبسط نفوذهم وسيادة الظلم فكانت الحياة في ذروة تعاستها وتخبطها فكانت دياجير الظلام والجهالة وكانت الفوضى الخلاقة ، فكانت هذه الحياة الاجتماعية حياة واقعية فلابد هنا من إحداث تغيير اجتماعي إصلاحي عالمي فنطلقة بعثت الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم من قبل الله سبحانه وتعالى وهو يحمل الآليات التغيير الاجتماعي والسبل والأهداف التى كانت مرسومة من قبل الباري عزوجل ، و توافرت في شخصه صلى الله عليه وسلم صفات القيادة التى هي أساس وجزء من أجزاء إحداث التغيير الاجتماعي لذلك خلال ثلاثة وعشرون سنة استطاعة الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم ان يحول ذاك المجتمع الى مجتمع آخر تماماً، وليس بإزالة القوم والناس والإتيان بقوما آخرين بدلاً منهم، وإنما بتغيير مفاهيمه ومشاعره وأنظمته، أي بإزالة أفكار الكفر ومشاعره وأنظمته وإيجاد أفكار ومشاعر وأنظمة إسلامية. وبالفعل تغير المجتمع وفق ثلاث آليات أولا إعداد تكتل على أساس إسلامي وتثقيفه الثقافة الإسلامية وثانيا مرحلة الصدع بالدعوة والتفاعل مع المجتمع وثالثا تطبيق الإسلام عمليا فقد احدث الرسول صلى الله عليه وسلم تغييرا جذريا لهذا المجتمع .
ومن هنا نجد الكثير من يسعون الى إحداث التغير الاجتماعي في هذه العصور يمارسون آليات العسكرة والاضطهاد ، والبعض الأخر يستخدم وسائل همجية وفرعونية حتى لا تمكث ان تنهار وتتلاشى والبعض الأخر يستخدم آليات التغير الاجتماعي المناسبة وفق خطط ومعطيات فلا سبيل خلالها الا التغير ، ولعل هنالك الكثير الذي يبتعدون كثيرا عن مفاهيم التغيير الاجتماعي ليصبح الفكر لديه فكرا وحدويا لايتماشى مع طبيعة وتلقائية المجتمع .
ولعل تجدر الإشارة هنا إلى ان لابد معرفة ان المجتمعات بطبيعتها قد تقوى وتضعف وتشيخ وتهرم وذلك حسب ظروف الوعي والثقافة فكلما كان مجتمعا متعلم وذات نهج فكري كلما كان التغيير الاجتماعي أكثر سهولة وكلما كان المجتمع يسوده الجهل والأمية كلما كان التغير يأخذ طريقة فيها من الصعوبة ويستقرق الكثير من الوقت لإحداث التغير الاجتماعي ، اذا لابد هنا ان تكون للمجتمعات مفاهيم للتغير الاجتماعي لإحداث تغير في النمط والسلوك الاجتماعي .
ولعل التربية والتعليم في مملكتنا انوذج أخر في التغير الاجتماعي وما احدثته من تغير في كثير من الأنماط الاجتماعية التي كانت سائده وأصبحت مجتمعاتنا مجتمعات تواكب المتغيرات والمعطيات التي تطرأ علينا من حين إلى اخر بفضل ما تقدمه التربية والتعليم من جهود كبيرة سعيا وراء تكوين نماذج من المثقفين والمتعلمين الذين يواجهون التحديات والمتغيرات العالمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية .