حياة الامام علي عليه السلام حياة امة

مرت على البشرية الكثير من الشخصيات العظيمة و القيادات السليمة والتي لاشك ان لها دور وتأثير واضحا في الأمة ، وقد اجمع البشرية على شموخ وعظمة مثل أولئك ، والتاريخ مليئا  منهم ، ولكن هنالك شخصيات فاقة كل العظماء ولعل في طليعتهم رسول الإنسانية وقيادي الأمة ونبراسها وشعاعها والرجل الآخر وصية بالنص الصريح في يوم غدير خم والتي تواتر فيها الروايات على تنصيبه خليفة على المسلمين بعد الرسول صلى الله عليه واله وسلم ، هذه الشخصية الفذة التي أذهلت الألباب على قيادته للأمة ونصرته وملازمته لرسول صلى الله عليه وال وسلم ، والمتصفح  في بطون كتب التاريخ عن سيرة وحياة وشخصية الأمام علي عليه السلام تتجلى لديه خلالها سمو الروح وتعتلي قامة العزة والمنعه وتنساب روح العطاء والكرم وتظهر لديهم روح الشجاع والبطولة التي يتمتع بها أمير المؤمنين عليه السلام ، وتتدفق ينابيع العلم والمعرفة كيف لا وقد قال فيه الرسول صلى الله عليه وال وسلم " انا مدينة العلم وعليا بابها " وقال صلى الله عليه واله وسلم " علي مع القران والقران مع علي يدور معه حيثما دار " أن حياة أمير المؤمنين عليه السلام  حياة امة وما أحوج الأمة في وقتنا الراهن ان تستنير من حياته الشيء الكثير من تلك المواقف والسيرة المباركة ، ولكن مع الأسف الأمة تجاهلت هذا الرجل وعبقريته وقيادته وفكره وأذعنت إلى اعتداء الأمة وسارت تتخبط في ظلامها الدامس ونحرفت عن نهجه ومبدئه الذي هو نهج ومبدأ الرسول صلى الله عليه واله وسلم .

     الإمام علي عليه السلام وما يمتلك في الحياة من زهدا عجيبا ، وهو قدير على إدارة دفة الحكم بمنظور إسلامي محض ، لا سبيل معه للمجاملة ، ولا أثر للمحاباة ،  القيادة السليمة ، والبطولة النادرة ، والتفاني في ذات الله ، والاندماج بروح الإسلام ، وإقامة الفروض والسنن ، وإحياء معالم الدين في أوليات شخصية الإمام ، البصيرة النافذة ، و العزيمة الصادقة ، والنية الخالصة ، والصراحة المدوّية مؤشرات في سياسة الإمام .  الوعي السياسي ، والعودة بالإسلام إلى ينابيعه الأولى ، وإلغاء العصبية القبلية ، والمساواة في الحقوق والواجبات ، وإشاعة العدل الاجتماعي من مهمات الإمام الأساسية .  تهذيب النفس الإنسانية ، وإصلاح المجتمع الإسلامي ، وتقويم تصرفات الولاة ، والابتعاد عن الأثرة من هموم علي الكبرى .

وقد انطوت كثير من الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة والتاريخ الصحيح والروايات على الثناء لهذا  الأمام العظيم عليه السلام ولعل هذه الآية الكريمة واضحة وقد اجمع أهل التفسير من جميع المسلمين أنها نزلت حين خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام لمباهلة نصارى نجران، فلما رآه النصارى قد خرج بأهل بيته خافوا العاقبة واعتذروا عن مباهلته، فدفعوا الجزية خضوعاً منهم لسلطان دولته (صلى الله عليه وآله(فَمَنْ حَاجَّك فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنْ العِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدَعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمُ وَنِسَاءَنَا وَنِساؤَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وأَنْفُسكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِل فَنَجعَلْ لَعنَةَ اللهِ عَلَى الكاذِبِينَ) (آل عمران/61).

وهذه الرواية  التي فيها إجلالا وقداسة وفضلا لأمير المؤمنين عليه السلام والتمسك به كما أوصانا الرسول صلى الله عليه واله قبل رحيله إلى  الملكوت الأعلى " إني تاركا فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي ال بيتي "  وعن ابن مسعود انه قال : قال رسول صلى الله عليه واله وسلم : لما خلق الله تعالى آدم , ونفخ فيه الروح عطس فقال : الحمد الله , فأوحى الله تعالى اليه حمدتني عبدي , وعزتي وجلالي , لولا عباد أريد أن اخلقهم من ظهرك لما خلقتك , فأرفع راسك يا آدم انظر , فرفع رأسه فرأى في العرش مكتوبا لا اله الا الله محمد رسول الله نبي الرحمة ,وعلي أمير المؤمنين مقيم الحجة , فمن عرف حقه زكا وطاب , ومن انكر حقه كفر وخاب ,أقسمت على نفسي وبعزتي وجلالي أني أدخل الجنة من أطاعه وان عصاني , وآليت على نفسي أن أدخل النار من عصاه وان أطاعني.

ونحن على أعتاب هذا القرن فلا زال البعض يسعى إلى ظلم وبخس فضل هذا العظيم ويسعى إلى ترويجها وبث روح العداء وتكذيب الحاديث والروايات التي وردت بحقه وفضله من الرسول الأكرم صلى الله عليه واله فكلما أرادوا  إخفائها ولكن لامناص فاقت الخافقين تدفقا كالشمس في رابعة النهار حتى أنها تظهر على أفواه الحاقدين والمتربصين والحاسدين، كنت اقرأ في سير وحياة هذا الرجل العظيم فازداد شموخا وعلوا وحبا وشكرا لله على ولاية الأمير عليه السلام الذي كانت حياته ناصعة فهو الإمام القدوة  واعتقد من يريد أن تكون حياته سعيدة وناجحة لا تشوبها شوائب ولا تدنسها يد المدنسين والعابثين فلنحيا حياة عليا عليه السلام ونقتدي به وان نلتزم بفكره ومواقفه التي ترتكز على دين محمد واله محمد ونحن في ذكرى ميلاده الشريف  بحاجة إلى ان نتعمق في حياته وندرس ونتباحث سيرته العطرة  في مجمل حياتنا وعلاقاتنا ، نأخذ العبر ونأخذ الأوسمة ونتقمص تلك الروح لنزداد بهائنا ونورانية ، نعيش مع زوجاتنا كما عاش الإمام عليه السلام مع سيدة النساء فاطمة الزهراء عليها السلام  مبنية على الانسجام والمحبة والوفاق والسلام والرحمة والمودة  نعطي زوجاتنا حقوقهم  وكذلك نربي أولادنا اقتداء بتربية الإمام علي عليه ا السلام لأولاده الحسن والحسين عليهما السلام وزينب والعباس وأولاده جميعا التربية السليمة المبنية على الحب والمودة والعلم حقوقا وواجبات وها كذا بقية الأسرة الكبيرة المجتمع والأمة التي لابد ان نحيا حياة كريمة وسعيدة مع حياة ونهج سيد البلغاء وولي الله الأعظم ويعسوب الدين أمير المؤمنين عليه السلام .

هذه الذكرى العبقة والروحانية التي لا تفارق أجواء تلك المحافل بهذه الذكرى أجواء إيمانية محفوفة إلى السلوك إلى الله ولنستشعر القيم والنواميس العلوية ، نعيش الذكر ونحن في اشد العطش  نرمق أفواهنا ونلهج بها تعلقا بعلي عليه السلام  نحو سمو الروح لعليا وعلو الهمة .

      كيف لا يستشعر الآم وجرحات الأمة ويتفقد جياعها ولن يركن له بال ولا تغمض له  ولا يطمأن له قلب حتى يرى العدل قد ساد والأمن عم البلاد ووصل الزاد للعباد  ، وما أجدر ان يبحث المفكرين والمثقفين والباحثين في أرجاء العالم  عن رجل مثل علي عليه السلام بعد الرسول الأكرم صلى الله عليه وال وسلم  بهذه العظمة وهذا السمو والجلالة التي من الله بها لعلي عليه السلام  وزاده فضلا وكرما ، وما أحوجنا نحن الشباب إلى دراسة حياة الإمام علي عليه السلام وصرف أوقاتنا للبحث في فكره ونهج البلاغة وما يحمله من قيم فكرية وحياتية وفلسفية  وعقائدية وتعمل البحوث وتألف الكتب وتناقش في الندوات وتقيم المحاضرات وننسجم فكرا بفكر علي عليه السلام لنجد الأمة بشبابها تتميز بالعزة والكرامة والمنعة لنتصدى لكل عدو تبرص بالمسلمين شرا عن وعيا وفكرا وان نؤسس امة حية تحمل العلم والوعي  وقائمة على العدل والمساوة  رافضة الظلم والاستبداد والهيمنة ها كذا يريد الإمام شباب الأمة  وما أجمل ان نلبس لباس عليا فكرا ووعيا فلا حياة بدون علي عليه السلام ولا نجاة إلا بولايته فهو الصراط المستقيم والنور المبين .

   وما من شك ان قنواتنا الفضائية الإعلامية على عاتقها الكثير والاستفادة القصوى لنشر فضائل أهل البيت عليهم ونشر فكرهم وحياتهم ليطلع العالم على هذا الفكر المحمدي الأصيل ، المعين الذي لا ينضب ، ويتعرفوا على حياة الإمام علي عليه السلام وصي الرسول صلى الله عليه واله وسلم ويقتطفوا شذرات من شخصيته الفذة وليتعرفوا على قيادته وحكمته وشجاعته وصبره ومظلوميته وصدقه وأمانته والفضائل الحميدة ، عبر ما يقدم عبر الشاشة من برامج و ومسلسلات  وسيرة ومناسبات  كما أننا اعتقد اليوم قادرين على تقديم فلما ضخم وقويا للإمام علي عليه السلام بشكل يتناسب لهذه الشخصية إخراجا ونصا وشخصية  ولعل مسلسل يوسف الصديق عليه السلام كان عملا رائعا وقويا حتى لا يكاد يمل المشاهد مشاهدتة خلال تناول قصة نبي الله يوسف عليه السلام بشكل جميل ومتسلسل واخذ العبرة والعظة وتبيان عظمة الأنبياء عليهم السلام ، والإمام علي عليه السلام وصي الرسول "ص" ونحن ما أحوجنا إلى مسلسل مثل ذلك يفوق الموجود حاليا قوة .نحن  بحاجة إلى زيادة تلك القنوات الفضائية حتى يتعرف البشرية على مذهب اهل البيت عليه السلام وتنويع البرامج والفقرات والمسلسلات المختلفة  ،فحياة الإمام علي عليه السلام حياة امة فلا حياة للأمة بدون علي عليه السلام ، فلنحيا حياة علي عليه السلام لنصل الى حياة كريمة  قدوة وأسوة بحياة علي عليه السلام .