عين على "موسم الأعراس" الاستثنائي
منذ بداية إجازة الصيف التي تصادف نهاية العام الدراسي، والمنطقة تشهد حفلات زواج بشكل يومي - الله يزيد ويبارك – وعلى قول أحد الأصدقاء ان عدد الأعراس هذا العام استثنائي غير مسبق ولهذا يقترح أن يلقب هذا العام بـ "سنة الأعراس" لكثرة حفلات الزواج الفردي أو الجماعي أو الميسر. للأسف لا املك إحصائيات دقيقة عن عدد حالات الزواج التي وقعت هذا العام لغاية الآن – مع العلم إن العام لم ينتهي- في كافة مدن وقرى وبلدات المنطقة.
في السابق كانت الناس تحرص على إقامة مناسبات الأعراس في ليلة الخميس أو الجمعة، لكي يشارك أكبر عدد ممكن من الناس لأنه الوقت الأنسب لجميع فئات وشرائح المجتمع وإعطاء فرصة لمن هم خارج المنطقة للحضور والمشاركة، ولكن في هذا العام لا تمر ليلة إلا وهناك أكثر من زواج، وليس مجرد زواج واحد.
بلا شك ان مناسبات الزواج تدخل الفرح والسرور في النفوس ليس فقط لأهل المناسبة وإنما على كافة المعارف، والجميع يحرص على الحضور والمشاركة، لان العوائل متداخلة والمجتمع مترابط، يتميز بروح التواصل والألفة والمحبة ويهتم كثيرا بالعادات والتقاليد، ومن المهم أن نشير إلى أهمية الأجواء الايجابية التي صاحبت الأعراس الفردية والجماعية، والإبداع وما أفرزته من طاقات في جميع المجالات. ولكن إذا زاد الشيء عن المعدل الطبيعي (...) تبرز ملاحظات منها التكلف والاحراجات للزوجين والأهل والمشاركين، والدخول في أزمات اقتصادية للجميع وإشكالات اجتماعية وشرعية.
- المظاهر والتجاوزات
ومن هنا لابد ان نشير لبعض العادات والظواهر والمراسم التي تواكب الأعراس في مجتمعنا التي لا تخلو من الإسراف والتبذير والتفاخر والتباهي لا تتناسب مع الظروف الاقتصادية، وانقل إليكم ما نشر نقلا عن سماحة السيد علي الصالح الذي "انتقد بعض المظاهر التي تواكب الزواج وما يتخللها من تجاوزات للحدود الشرعية، وازدياد حفلات العرس حفلة ليلة الخطبة ، حفلة الهدية، حفلة عقد القران "العقد"، حفلة الحناء، حفلة جلسة العروس، حفلة ليلة الزفاف، حفلة الصباحية، حفلة جلسة العروس يوم ثالث العرس. مشيرا إلى ما يرافق كل هذه الحفلات من نفقات طائلة في الوجبات والهدايا والملابس وغيرها. مضيفا ان هذه الحفلات والمصاريف على زواج واحد هي تكاليف تزوج عشرة أشخاص، موضحا بان ذلك تبذير لا تجيزه الشريعة الإسلامية ومدعاة للتفاخر والتباهي ينبذه الإسلام وبدع مستحدثة ما انزل الله بها من سلطان، محملا الرجال ورب الأسرة المسؤولية بما تفعله نسائهم ".
- أزمة الصالات والاستراحات
ونتيجة لبعض التصرفات الحديثة كبروز ظاهرة إقامة الأعراس في الصالات أو الاستراحات. صالة خاصة بالرجال، وصالة خاصة بالنساء. ربما في موقع واحد أو في موقعين مختلفين متباعدين، وتسابق الناس على الحجز في أوقات نهاية الأسبوع -الخميس والجمعة- من وقت مبكر بأسعار مرتفعة وتحمل مصاريف عالية. حيث تكلفة الصالة ما بين 20 الف و6 الاف ريال. فان البعض يضطر لحجز الصالة أو الاستراحة في أي يوم متاح وبأسعار أقل. بل شاهدنا هذا العام وخاصة في فترة الزواج الجماعي حيث الرجال يجتمعون جميعا في مخيم واحد، بينما النساء لا يجدن إمكانية لحجز صالة بسبب الازدحام والضغط على الصالات والاستراحات وعدم قدرة البعض على دفع مبالغ كبيرة على ذلك في فترة الذروة، أدى إلى عدم إمكانية إقامة حفلة الزفاف للنساء في نفس اليوم وإنما تأجيلها ليوم آخر، وبالتالي يتأخر اجتماع ودخول الزوجين إلى عش الزوجية وهذا ما حدث هذا العام!!.
مواقف اجتماعية
وبسبب كثرة الأعراس فان البعض يتعرض لمواقف اجتماعية صعبة لأنه لا يستطع أن يوفق بتلبية جميع دعوات الأحبة، لان الأعراس تقع في وقت واحد تقريبا من الساعة التاسعة مساء لغاية الثانية عشرة تقريبا. أي ثلاث ساعات فقط. ومعظم الأعراس تقع في صالات وهي غالبا خارج حدود البلد أو الحي، كما لا ننسى ان الرجل مطلوب منه أن يقوم بمهمة سائق لتوصيل العائلة والكل يعرف معنى الارتباط بالعائلة في فترة الأعراس. بالإضافة إلى ان مواقع الصالات متباعدة الرجال والنساء، وبعضها خارج المدينة أو البلدة أو المنطقة. ولا ننسى بان معظم الرجال ملتزمون بعمل لابد من النوم المبكر خاصة في أيام وسط الأسبوع.
بلا شك ان كثافة الأعراس هذا العام، هي التي أدت إلى ظاهرة الزواج طوال أيام الأسبوع، كما ان إقامة مهرجانات الزواج الجماعي في ليلة واحدة ، كانت له ملاحظات وسلبيات ومنها ارتفاع المصاريف وزيادة أسعار الصالات بشكل خيالي بل صعوبة في حجز صالة نسائية في تلك الليالي.
- ما الحلول؟
ولحل المشكلة وتقليل المصاريف لاسيما إننا نعاني من أزمة اقتصادية، لابد من إعادة النظر في فكرة إقامة تعدد الحفلات مثل الخطبة والعقد والحناء وغيرها... وما يواكبها من بذخ وصرف. ولتحقيق الهدف من مهرجانات الزواج الجماعي وهو تقليل تكلفة الزواج وتشجيع الشباب على الزواج، لابد من إعادة النظر في فكرة إقامة العديد من حفلات الزواج الجماعي في وقت واحد، وضرورة إقامة أكثر من مهرجان زواج جماعي في المدينة أو البلدة الواحدة لخلق منافسة ولاستقطاب وتشجيع أكبر عدد ممكن للالتحاق بمهرجانات الزواج، ولقد حان الوقت للحصول على دعم حكومي أسوة بالزواج الميسر، وإيجاد رعاة رسميين للمهرجانات؛ كما ينبغي إقامة زواج جماعي للنساء في جميع المناطق أسوة بالرجال بعد النجاح الباهر للمهرجانات الرجالية طوال السنوات الماضية، والاستفادة من تجربة "جمعية الصفا للخدمات الاجتماعية" التي قدمت مهرجان الزواج الجماعي النسائي لثلاثة أعوام، الذي يعد الأول على مستوى المنطقة والمملكة، فالزواج الجماعي النسائي أصبح ضرورة اجتماعية ففي ذلك تقليل للمصاريف، وله فوائد كبيرة.. منها عدم تعريض الأزواج والزوجات والأهالي لمواقف صعبة في عملية الحجز والاستغلال ودفع المصاريف العالية أو تأخير الدخلة بين الزوجين، وعدم إضاعة الوقت والجهد للضيوف.., وفي ذلك مصلحة للجميع.
نبارك لجميع الأزواج والزوجات وعوائلهم، وتحية لكل الكوادر المتطوعة في إدارة المهرجانات للزواج الجماعي والأعراس الفردية، وشكر لكل من يدعم بالمال والحضور والمشاركة.