حذار من تكرار المآسي!
أصبحت منطقتنا العربية الأفضل لصناعة الدكتاتورية الأبرز في العصر الحديث، بفضل الشعوب العربية المغلوبة على أمرها التي تجيد فن صناعة النظام الدكتاتوري المستبد، وذلك بسبب التراكمات الثقافية والتجارب السابقة للأمة، وبسبب الأساليب القمعية للحكومات المتعاقبة على المنطقة لمئات من السنين التي حطمت إرادة الشعوب بعدما جردتها من حريتها وكبريائها.. وركزت فيها ثقافة تمجيد النظام والتصفيق له.
لقد اعترفت الأنظمة العربية ومنها الخليجية بالخطأ الفادح الذي ارتكبته عبر دعمها غير المحدود ماديا وسياسيا وعسكريا للنظام العراقي السابق الدكتاتوري، النظام الذي لم يتردد بالانقلاب وعض اليد التي دعمته وأيدته وساندته، إذ قام بغزو دولة الكويت واحتلالها، والهجوم على الأراضي السعودية، ولا يمكن نسيان دوره من خلال تعريض بلاده وشعبه والمنطقة لازمات وحروب وكوارث لم ترحم البشر والشجر والحجر والتلوث البيئي بسبب دخوله عدة حروب مدمرة، وضياع مئات المليارات من الدولارات، ودوره في قتل وتشريد الملايين من شعبه، وفي النهاية تعريض العراق للاحتلال الأميركي وتحويل العراق إلى ساحة دموية من قبل المحتلين والتكفيريين والإرهابيين.
وقد شنت الدول الخليجية حملات إعلامية قوية ضد النظام العراقي البعثي السابق وتعريته، ودعم دول التحالف لإخراجه من الكويت صاغرا، وهذه الحادثة المأسوية على الكويت والدول الخليجية والعربية راسخة لا يمكن نسيانها.
على قادة وشعوب المنطقة أن يستفيدوا من التجربة السابقة المؤلمة - دعم ومساندة النظام العراقي السابق - فاثارها السلبية مازالت حية شاهدة لغاية اليوم على عظمة المأساة، ويجب ان تكون تلك التجربة المخيفة حاضرة أمامهم في دعم أي نظام يصنف بأنه دكتاتوري مستبد غارق في بحر الفساد، ويواجه العديد من الأزمات والمخاطر الداخلية ومنها تمرد شعبه عليه بسب سياسته الهمجية وفساده المنتشر، وكل ذلك كي لا تتكرر المأساة على شعوب المنطقة وتهديد امن دول المنطقة.
فمن الخطأ الكبير أن تتراكض بعض الأنظمة في المنطقة لدعم النظام العتيد والمترنح والمتخم بالفساد، الذي يواجه تحديات هائلة بسبب الفساد الإداري والفشل في بناء دولة حضارية متقدمة ليحصل المواطن على اقل حد للعيش بكرامة في وطنه، فالبلد مهمل مترهل مهدد من الداخل؛ حروب في الشمال وتحرك جنوبي للاستقلال، وحرب ضد القاعدة، والأكثر خطرا انه تحول إلى ساحة لتدخل العديد من الدول فيه بمسمى محاربة الإرهاب، وهذا الأمر مخيف عليه وعلى دول الجوار وعلى المنطقة لأنه سيكون حلبة صراع كأفغانستان أو الصومال.
ذلك النظام حسبما يرى الكثيرون دكتاتوري مستبد فاسد حد النخاع ومخيف فهو مستعد أن يقاتل ويقتل شعبه لآخر مواطن - أي يضحي بشعبه - لأجل رغباته وأهدافه، ومن لا يرحم شعبه ومستعد أن يحكم وطن بلا شعب، فهو بلا شك مستعد أن ينقلب على أي جهة، متى ما حصل على القوة والفرصة. وممكن أن يقوم بأكثر مما قام به نظام العراق السابق البعثي الدكتاتوري.
من العقل والحكمة أن يتجنب القادة في المنطقة دعم هذه الأنظمة الغارقة في التخبط والفساد والدكتاتورية، والدفاع عنها، فالأهم من النظام هو الشعب فهو الأصل والامتداد، فينبغي دعم إرادة الشعب ليواجه المخاطر، ويبني دولة حضارية مستقرة يحصل كل مواطن على حقه، مما يساهم بان تنعم دول الجوار بالأمن والامان.
وفي الأخير؛ حذار من دعم الأنظمة الفاسدة مهما كانت ومهما كانت المبررات، فيجب الحذر ثم الحذر كي لا تتكرر المأساة التي خلفها نظام العراق السابق البعثي الدكتاتوري،وكونوا كما قال الرسول الأعظم : «المؤمن كيس فطن حذر». وكما قال : «لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين».