الإنسان وحاجته للاحترام
الحياة قائمة على مبادئ وقيم وأسس منبعها الدين، ومن هذه المبادى والقيم قيمة الحب والاحترام والتي يحتاج لها كل إنسان، فقد أعطى لها الإسلام مساحة واسعة وحث على العمل بها وجعلها من الأسس التي تجعل للإنسان قيمة ومنزلة بين الناس، فكرامة الانسان باقية مابقى يكرس في ذاته مصداقية احترامه للقيم، النبيلة التي يتعايش عليها كل انسان يحترم ذاته ويحترم انسانيته، ويعيش مع الآخرين بصدق واضح وملموس .
فالانسان عادة ما يسعى لكسب الود وتعاطف الآخرين واحترامهم لانسانيته وشخصه، وحتى يحفظ هذه المنزلة فهو بحاجة الى ان يتبادل معهم هذه القيمة الجميلة، ويقابلهم بالمثل فيحترمهم كما يحترمونه ويقدر فيهم مايقدمونه له من احترام، حتى يشعرهم بما يكنه لهم من قيمه صادقة في نفسه، فقيمة الانسان في مايتصف به من سلوك يقربه من الآخرين .
ومن الصفات الانسانية التي تقوم سلوك الانسان هي صفة الاحترام التي وهبها الله تعالى له على سائر المخلوقات، فهى ملكه الهيه وفضيلة لها خصوصية في النفس قد وهبها الله تعالى للانسان افضل ماخلق من الكائنات، حتى تنمو في ذاته وتشع في داخله ويسقيها ويرعاها ويقدمها باقة جميلة لكل انسان يلتقي به ليقطف له منها لون من الوان الحب والتسامح والتواضع، فالاحترام لباس جميل وراقي، ينشد اليه المرء لما فيه من هيبه ووقار يسكن في داخل نفسه ليتحول الى سلوك حي يتجلى بين الناس، وحقيقة نتائجه ان يصل بالمرء الى ذروة المحبة كالنسمة المنبعثة من حديقة غناء تذر عبق ازهارها الى كل القلوب المتعطشة الى الحب .
من هنا فالكثير ممن يتمتع بصفة الاحترام ويتناغم على مشاعرها الوردية بين الناس، فهو يتمتع بالحب والبسمة البنفسجية سائحا في عالم مشرق على ضفاف ساحل الانسانية البريئة .. فالصدق الواضح مع الناس .. والتواضع المرئي والملموس .. وروح التعاون الجادة مابين الناس .. من الامور التي يرتكزعليها الاحترام، فهو كالبذرة تنمو في اجواء صالحة ونقية ليسكن النفوس الطيبة، فأذا توفرت له الاجواء التي تسا هم في نموه وازدهاره، ويزداد تألق اذا اتسعت رقعته في النفس، وقد يذبل ويتلاشى اذا افتقد للاجواء الصالحة التي تسهم في غذائه وترعرعه، وحتى يقطف الانسان ثمار احترام الآخرين له، فالثقة المتبادلة بينه وبين الناس هي قيمة حقيقية لكرامة الانسان، واحترامه لانسانيته يعني احترامه لانسانية كل انسان، والتواضع يكسب به الآخرين الى جانبه، وهذا مايجب على الانسان ان يقوم به في علاقاته وتعامله مع اخيه الانسان، والانسان بطبعه يحب ان يحترم من قبل الآخرين، لذا عليه ان يحترم الآخرين، وان يراعي مشاعرهم واحاسيسهم، ويحترم فيهم مايقدموه له من العطاء، ويبذل لهم ماهم بحاجة اليه من الاحترام.
وللاحترام عدة ابعاد تنحصر فيها حاجة المجتمع والاسرة والعلاقات الاخرى مابين الناس، ويتضح مايحمله الانسان من سلوك حسن وواضح وجميل فعلى صعيد الاسرة فالبيت له اجوائه الخاصة في نفس كل فرد، مع رفع بعض القيود اللازم اتباعها خارج نطاق الاسرة، فالفرد ينبغي التأكيد والحث والنصح له والارشاد باتباع الاسلوب الامثل بما يليق بمستوى الفرد، ذلك من خلال الحث على كسب الصفات الفاضلة من قبل الوالدين، وكما يسعى كل آب لتكريس الاخلاق الكريمة في نفوس الابناء، بالمراقبة لتأكيد حالة الاحترام والاطمئنان على عدم وجود صفات مكتسبة سلبية اثناء الاختلاط بالآخرين، ونبذحالة الفوضى ومايأتي به من افعال غير مرضية، ومن جانب آخر يسعى البعض من الابناء بالخصوص اذا تربه على حالة الاحترام والحياء والتواضع، لمراقبة ذاته وافعاله حتى يظهر بالمظهر اللائق امام الآخرين،فالرقابة الاسرية والرقابة الذاتية لهما دور فاعل في خلق روح تحريك احاسيس الفرد وتنمي فيه السلوك المبتغى، ورقابة الانسان الواعي لنفسه رقابة ذاتية يفرزمن خلالها ماينفعه ومايضره لما لها من دور هام في عدم المماطلة والدوران في مايقوم به من التزامات اخلاقية وسلوكية مع الناس .
اذا حاجة الانسان الى اخيه الانسان حاجة ضرورية، لها ابعادها وهي حاجة ليست ثانوية فحسب، انما هي حاجة تقوم على التبادل المعيشي بكل جوانبه وحاجاته، وهذا بحاجة للاحترام والكلمة الطيبة التي تعبرعن مدى حاجة الانسان الى اخيه الانسان، من اجل نمو العلاقات والتآلف في ما بين الناس، وتبادل الحاجات والمصالح الخاصة والعامة التي تقوم عليها الحياة ..