اللجنة العربية والمواقف المخجلة
سجل العرب موقفا جديدا يصنف بالانحدار السياسي لينضم ضمن المواقف السياسية المذلة والمخجلة والمخزية للأمة الضائعة والمشتتة التي اعتادت على اتخاذ مثل هذه المواقف التي لا تخدم مصلحة الأمة وشعوبها -الغائبة والمغيبة -بسبب ضعفها الناتج عن غياب الإرادة، وذلك عبر رضوخ العرب للمطالب الأميركية، بعقد محادثات سلام غير مباشرة بين الفلسطينيين والعدو الإسرائيلي.
لقد وافق العرب عبر اللجنة الوزارية العربية المنعقدة في جامعة الدول العربية على العودة للمباحثات في ظل ظروف صعبة يعاني منها الشعب الفلسطيني أمام الممارسات العدوانية اليومية، وغطرسة وعنجهية الدولة الإسرائيلية التي تقوم في الفترة التي تصاحب انعقاد اللجنة العربية بالاعتداء على المسجد الأقصى ومنعها للمصلين من الصلاة فيه، وقرار إنشاء حديقة الملك سليمان في المنطقة القديمة في القدس، وقرارها الاستفزازي والإجرامي بضم المواقع الدينية المقدسة والتراثية الفلسطينية ومنها الإسلامية كموقع المسجد الإبراهيمي في مدينة الخليل للتراث الوطني اليهودي، والذي أدى إلى وقوع مواجهات واصطدامات بين القوات الإسرائيلية مع الشعب الفلسطيني الذي يدافع عن حقه وعن المواقع الدينية، بعدما وجد عدم الاهتمام العربي والدولي بتلك القضية المهمة، بالإضافة لاستمرار الحصار الإسرائيلي الأميركي ومن يدور في مدارهما للشعب الفلسطيني في قطاع غزة؛ ويأتي القرار العربي الغريب في مرحلة حساسة بعد ارتكاب جهاز الموساد الإسرائيلي عملية اغتيال للقائد الفلسطيني في حركة حماس محمود المبحوح في مدينة دبي الذي يشكل اعتداء صارخا على السيادة الإماراتية والعربية.
لقد رحب الكيان الإسرائيلي الغاصب - على الهدية المجانية - على خطوة اللجنة العربية بالعودة إلى المباحثات غير المباشرة الفلسطينية الإسرائيلية، رد على هذه الهدية بموقف يعبر عن العنجهية الإسرائيلية واستصغار الأنظمة العربية حينما صرح رئيس وزراء إسرائيل نتنياهو: «القادة العرب لم يبلغوني الاحتجاج على ضم الابراهيمي»، «نافيا أن يكون قد تلقى اتصالات هاتفية من أي من القادة في العالم احتجاجا على قرار حكومته القاضي بإدراج الحرم الإبراهيمي في الخليل ومسجد بلال بن رباح في بيت لحم على قائمة التراث اليهودي».
بلا شك ان موافقة العرب على المطلب الأميركي تعتبر مكافأة للعدو الإسرائيلي على جرائمه وعدوانه؛ ولن يحصد العرب بالموافقة على عودة التباحث غير المباشر مع الكيان الإسرائيلي، إلا المزيد من الضعف والذل والهوان، وواهم من يتوقع أن يحقق مكاسب من ذلك، فالتاريخ خلال الصراع العربي الإسرائيلي يشهد بان إسرائيل وعبر مساعدة أميركا والدول الغربية لم ولن تقدم أي تنازل حقيقي للعرب بدون مكاسب، فان إسرائيل العدوانية لا تعترف إلا بالقوة ومستحيل أن تتنازل عما حققته عبر القوة إلا بالانتزاع بالقوة. على العرب المتفائلين - أمثال الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى الذي قال: «إن اللجنة قررت إعطاء فرصة للمباحثات غير المباشرة في محاولة أخيرة للوصول إلى سلام فلسطيني إسرائيلي وتسهيلا لدور الولايات المتحدة على أن تكون المباحثات لها حد زمني مدته أربعة أشهر» - أن يكونوا واقعيين فهم اعرف - وأبخص - بالكيان الإسرائيلي وعدم فائدة تلك القرارات المخجلة معه.
متى يصدر العرب قرارات عربية خالصة وصارمة بدون ضغوط خارجية تحقق العزة والشرف والنصر وتحقق مصالح الأمة العربية؟