لماذا يهمش المثقف القطيفي؟
إن نمو الحركة الفكرية والتجربة العلمية في البلدان المتقدمة، هو دليل حقيقي من جهة وقوف المثقف الواعي الأصيل، ومرحلة الكلمة نيل المعرفة، قد نحتاج إلى بحث مفصل في دروب المكانة والإنصاف للمثقف، ولكن دعونا هنا نسلط الضوء على مكنون الحدث من حيث مجرى التهميش، أجل التهميش الذي يقحم على كادرنا الثقافي.
في وطني السعودية نساء ورجال مثقفين دينيا واجتماعيا واقتصاديا ونفسيا، ولكن هل يعطي المعني بالمسؤولية حق هذه البادرة الخيرة؟!!، أظن أن الجواب يعرفه الجميع، هنا أحاول أن أتقصى الحقيقة المرة في واقعنا القطيفي بالخصوص، أين الإعلام من دائرة مثقفي القطيف؟!! صحيح أن هنا بعض الجهات الأهلية الخاصة تتبنى المثقف وتشجعه، ولكن حين يخرج عن نطاق بلده يقحم ويسحق في منتصف الطريق.
أين الإنصاف؟!!، إن المثقف القطيفي، إذا لم يكن العربي في واجهة العموم، فإنه يتعرض لهمجية التسلط والترهيب، ويهاجم بعملية إقصاء وتهميش شنيعة وواضحة، وإلى حساب من؟!!، أعرف تمام المعرفة أن الجاهل يخاف العالم، والتقصي للأحداث هدفنا المنشود، والمثقف الفعَّال الذي يطرح روح العطاء في الواقع ليوصلنا إلى المستقبل هو المثقف الواعي الذي يقوم بدوره البارز الواقعي، وليس الخيالي ومنثم يصدم به، ولكن غالبية مثقفينا لم يستبد بهم الحلم ويغيبهم عن الواقع، قد نرى ونسمع، كيف يكرم المثقف ويبجل ويرفع لأعلى المراتب، أجل فالعلم هو سلاح الشعوب، والشعوب هم أصل الوطن، فلماذا الوقوف في وجه المثقف؟!!، سؤال يطرح نفسه بنفسه.
إن الإنصاف المترتب على جهة الاختصاص نحن نفتقر له وبقوة أيضا، فمثقفي القطيف مداد من بحر لو أعطوا فرصة لكان خيرهم يعم ولا يخص، فالكتابة هي نمير البحث والتدقيق، والرسم بالريشة هو فسحة يستظل بها الجيل إلى الجيل، والاختراع يصون المادة في الوطن، والتصوير عبقرية التخيل، والتصميم فوز وطموح، وحدث ولا حرج في مجال مثقفي القطيف.
إن المثقف القطيفي يبحث عن دوره ومكانه ووظيفته المحروم منها تدريجيا، فقد قارب الصفر في عدد المبادرين من حيث مقص الرقيب، وكلمة رئيس التحرير، ومؤسسات التي تخضع لميزانية الوقوف له، هي أيضا أصبحت تلجأ إلى قمعه وتهميش مبادرته، وحجم المعوقات كثيرة وقيودها من حديد، ففكر المثقف وأبجدية روحه وعقله لا تقدر أن تصارع هذا الزخم من العناد، وهل تراه يتأقلم على هذا الوضع؟!! وإلى صالح من يكتف الأيدي.
في قائمة الإشكالات والعوائق التي يواجهها مثقفنا هي بعض دور النشر، أجل لا تشجعه ولا تتبناه، تقحم عليه لسبب أنه في مقتبل العمر و«جديد»، والمشهور تقام له العروض الوفيرة وبإلحاح شديد، وإذا أتاهم المثقف الجاد واستعان بالله ثم بهم، تركوه لموعد مؤجل وولوا هاربين، عندما تصبح مشهورا سنبادر في طباعة كتبك.
كل هذه الطاقات لو أمكن لها الوصول للإعلام الخارجي لأفتخر بها الوطن وليس حكرا على منطقة معينة مثل منطقتنا القطيف الحبيبة، فالكلام يشد بعضه ويطرح النقاش في دولاب فائدة الوطن بالمواطن المثقف الواعي الذي يحمل رسالة الحضارة وارتقاء الوطن.
كثيرون من يؤسسون، ولكن يد الخراب تجرفهم إلى محو وتهميش صارم وشديد على طرح الفكرة التي يصبو إليها الفكر والأدب، فأين الإنصاف من هذا كله؟!!، هل نخوض معركة فكرنا لوحدنا؟!!، ونصنع لنا اتحاد كتاب أو اتحاد مصورين أو اتحاد تشكيليين أوإلخ.
ليس هذا حلا أو إنصافا، فالطريقة العشوائية لا يحبذها المثقف، فالفكرة هنا لوحة تشكي تهمش الآخر ومحاربته، دعونا ننصف الكلمة واللوحة والصورة والاكتشاف والاختراع، وليس الإنصاف للشخص بحد ذاته إنسان عادي، ولكن ما ذكرت يستحق الإنصاف أيضا، لماذا لأنه هو الصانع لهذا الإنجاز ويستحق التكريم والإنصاف.
فالمثقف الواعي العربي الهوية، يريد أن ينفع وطنه ويخدمه برسالته، وإذا لم ينصف ويكرم ويشجع، ماذا تراه يفعل؟!! هل يخرج من وطنه مهمش؟!، هل يرتكب عبقرية الجنون؟!، هل يصارع حياته الكئيبة؟!، هل سحقه نتيجة سلبية أو إيجابية؟!، إذا ما الحل؟!!
لابد أن يعطى المثقف حقه في مشروع ذاته، فالإبداع ليس حكرا على فئة معينة، فالعلم نبراس وظاهرة حضارية وسلاح للوطن، وإن كان العكس حتما سيعم الجهل في عقول الشعب، إن الإكثار من تشجيع المثقف ستحمله المسؤولية وسيعطي رفع معنوياته في طاقة أكبر، وسبيل أنعم وأوفر، كيف لا والمثقف هو روح العطاء ونفس مجاهدة في سمو ورقي الوطن.