في اليوم العالمي للكتاب : كيف نصنع مجتمعا قارئاً؟؟
- فادية مصارع
(المكتبة طب النفوس) عبارة أطلقها المصريون قديماً وهي تعبر عن المصطلح الحديث «العلاج بالقراءة» الذي بدأ يشهد رواجاً كبيراً في الكثير من الدول المتحضرة.
- شفاء وعلاج
يرى الكاتب السعودي حسن آل حمادة أنه بإمكاننا صناعة مجتمع قارئ عن طريق العلاج بالقراءة، والذي من شأنه أن يعمل على تهذيب سلوك الإنسان والارتقاء به كي يكون عنصراً فاعلاً في خدمة مجتمعه، وذلك بعد تزويده بالمعلومات الكفيلة بتغيير تفكيره وسلوكه الخاطئ عن طريق القراءة بجعلها طباً للنفوس، يجب أن يلجأ إليها (المريض المتعلم) وذلك بمشورة (الطبيب العالم) لكي يحصل على الكتب وغيرها من مصادر الثقافة والفكر، والتي يمكن أن يكون فيها الشفاء والعلاج لأمراضنا النفسية والاجتماعية والسياسية.
- أفكار هادفة
عرف (الببليو تيرابيا) أو العلاج بالقراءة سنة 1938 وكانت الأميركية (سادي ديلاني) واحدة من أولى الممارسات للعلاج، ويخبرنا آل حمادة أن د. عبد العزيز شعبان خليفة هو أيضاً أول من أصدر كتاباً عن العلاج بالقراءة ليكون أول كتاب عربي مستقل يتناول هذا الموضوع وقد صدر عن الدار المصرية اللبنانية عام 2000م.
وأول من كتب عجالة عن (العلاج بالقراءة) بالعربية هو (محمد أمين البنهاوي)، وأول رسالة علمية باللغة العربية حول هذا الموضوع كانت للسيد عبد الله حسين المتولي تحت عنوان «إفادة المرضى من مكتبات مستشفيات الصحة النفسية».
والمتتبع لكتب التراث سيلحظ أن العرب والمسلمين كانوا يستخدمون هذه الطريقة في العلاج، إذ يورد الجاحظ في كتابه (البيان والتبيين) أن يحيى بن منصور حزن حزناً شديداً لفقد ولده لدرجة أنه امتنع عن الطعام والشراب فجاءه يحيى بن منصور معزياً ببيت شعر فقال:
وهوّن ما ألقى من الوجد أنني
أساكنه في داره اليوم أو غداً
قال: أعد فأعاد فقال: يا غلام: الغداء.
والمنصور يطلب من يسليه بالشعر ليخفف عنه مصيبته واكتئابه أيضاً، كما أن بعضاً من كتبوا في علم النفس، كالدكتور عبد الستار إبراهيم، أشاروا إلى أنواع من الأنشطة المرتبطة بإثارة مشاعر اللياقة النفسية، والإنجاز، والكفاءة، وتحقيق الذات ومن هذه الأنشطة قراءة شيء جديد.
- نِعمَ المحدث
وروي عن أمير البلغاء صاحب نهج البلاغة الإمام علي أنه قال: « نِعمَ المحدّث الكتاب».
وذكر الجاحظ الكتب فقال: «نِعمَ الذخر والعدة والمستغل والحرفة، ونِعمَ القرين والدخيل والوزير والنزيل، والكتاب هو الجليس الذي لا يطريك والصديق الذي لا يغريك، يطيل إمتاعك ويشحذ طباعك»،
ويورد آل حمادة إلى أن بعض الأدباء قد تحدثوا عن طريقتهم الخاصة في استخدام أسلوب العلاج بالقراءة، ومنهم أبو نواس الذي يتحدث عن طريقته فيقول:
أتتبع الظرفاء، أكتب عنهم
كيما أحدث من أحب فيضحكا
فإذا كان الكتاب والقراءة علاجاً من الأدواء، فحق لمن يعتذر عن امتناعه عن إعارته الكتب لأنه يعرف قيمتها فيقول:
لصيق فؤادي منذ عشرين حجة
وصديق ذهني والمفرج عن همي
يعزّ عن مثلي إعارة مثله
وآليته أن لا يفارقه كمي