فجيعة ومصاب في الأحساء والحجاز
فجع محبو الإنسانية والمحبة والتعايش والعلم والمعرفة والثقافة والأدب، بمصيبتين كبيرتين، رحيل سفير الوطن والأحساء الأديب الشيخ احمد علي المبارك صاحب الاحدية الثقافية الشهيرة بمدينة الهفوف، وبوفاة الشاب (إباء) ابن الأستاذ الكبير الشيخ والأديب عبدالمقصود خوجة صاحب الاثنينية الرائدة والشهيرة بمدينة جدة، في حادث مروري مفجع؛هاتان المصيبتان أصابت قلب كل محب للشيخين الكبيرين خوجة والمبارك ولعوائلهم بالحزن والألم. انها بلا شك فجيعة وطنية برحيل سفير الأحساء وابن خوجة الحجاز. وقد خيم الحزن والألم على محبيهم في شرق السعودية وغربها، وفي سائر الوطن والدول الأخرى.
فقيد الأحساء السفير السابق في وزارة الخارجية الشيخ احمد المبارك، وفقيد الحجاز الشاب (إباء) ابن الشيخ عبدالمقصود خوجة، العامل المشترك بين الفقيدين هو زمن الرحيل في يوم الجمعة 23/4/2010م. رغم تفاوت العمر بينهما فالشيخ في الثمانين من العمر، وإباء شاب في مقتبل العمر، ولكن الفجيعة والألم للشاب كانت في قلب والده الشيخ خوجة صاحب المصيبة، الذي يشترك مع الشيخ المبارك في إدارة أشهر المنتديات الثقافية في الوطن احدية المبارك بمدينة الهفوف في الأحساء، واثنينية خوجة بجدة. ولهذا فكل أهل الشرقية والغربية وكافة بقاع الوطن تفاعلت مع المصيبتين، وأصاب الحزن قلب كل محب لهما وللكلمة وللحراك الفكري والثقافي والأدبي والإصلاحي في الوطن.
رحيل "إباء" خوجة مصيبة..، وتسليم بالقضاء
إنا لله وإنا إليه راجعون، فقد الأحبة فجيعة مؤلمة تترك اثارا عميقة في القلوب والوجدان من الصعب أن تمحيها الأيام، وفي هذه اللحظات المحزنة نتذكر كلمة الشيخ خوجة عندما وصل إليه خبر وفاة ابنه البكر الغالي (إباء) حيث انه نعاه بكلمات صادقة ومؤثرة، تظهر مدى ما يملكه صاحب المصاب الجلل من إيمان وتوكل على الله في الظروف والأوقات الصعبة جدا كرحيل فلذة الكبد وثمرة الفؤاد الابن،.. كلمات على المرء أن يتأمل فيها كثيرا فمما قال: "المصاب جلل.. والحزن عميق.. غير أن رحمة الله أعظم وأعم.. فقد رزئت بانتقال ابني إباء إلى رحاب بارئه "رحمه الله" يوم الجمعة 9/5/1431هـ الموافق 23/4/2010م.
إباء الابن الفقيد كان له طلة ساحرة ومؤثرة تترك بصماتها في نفوس كل من يلتقون به في شركة الوالد خوجة - إذ انه يعمل بمنصب نائب الرئيس والمدير التنفيذي لمجموعة خوجه - أو في منتدى الاثنينية عند والده الشيخ مقصود، وحتما هذه الشخصية التي تترك هذا الاثر الطيب في نفوس الزوار فكيف حال والديه ومن يعيش معه ومن يضع اماله وتطلعاته وأحلامه وتكملة مسيرته التجارية، والعمل الإصلاحي والاجتماعي والثقافي!؟. الفجيعة كبيرة وليس للمؤمن وللوالدين والأخوان والأهل والأقرباء سوى الاحتساب عند الله والدعاء للفقيد بالرحمة والمغفرة؛ كما قال صاحب المصاب الشيخ خوجة: "غير أن رحمة الله أعظم وأعم.. فقد رزئت بانتقال ابني إباء إلى رحاب بارئه "رحمه الله". وليس غريب ان يسود الحزن على أهل جدة والحجاز والغربية وأبناء الوطن من جميع المناطق والتيارات والتوجهات ومن خارج الوطن لهذا المصاب. لما للشيخ خواجة من مكانة مرموقة، ودور كبير على الحراك الفكري والثقافي والإصلاحي في الوطن وخارجه من خلال جهوده.
سفير الأحساء يرحل ومسيرة التنوير تستمر
على الساحل الشرقي في الأحساء وبالتحديد بمدينة الهفوف، فجعت عائلة المبارك وأبناء الأحساء والشرقية والوطن وعشاق الأدب والثقافة، برحيل السفير والأديب الشيخ أحمد بن علي آل الشيخ مبارك سفير وزارة الخارجية السابق، وصاحب منتدى الاحدية الثقافي، الذي توفي يوم الجمعة 9/5/1431هـ إثر صراعٍ طويل مع المرض. فعم الحزن على الجميع ونعاه القريب والبعيد لرحيل رائد من رواد السفراء والثقافة في الوطن، الذي كان يفتخر بأنه من الأحساء التي عشقها وتغنى بها دائما في كل مكان. وكان منتدى الاحدية بمثابة محطة ثقافية جامعة لجميع المهتمين بالشأن الثقافي والأدبي، وطالما استضاف شخصيات ثقافية محلية وعربية وعالمية، والملفت في حياة الفقيد الشيخ المبارك عشقه للعلم والأدب والثقافة مذ طفولته ومراحله الدراسية داخل وخارج الوطن في بغداد والقاهرة- ليكون من أوائل المواطنين الحاصلين على شهادات جامعية من الخارج -، وتجربته العملية الدبلوماسية في الدول العربية والإفريقية - فهو أول سفير سعودي في دولة قطر- تجربة غنية جدا ومتنوعة ومميزة، ورغم تقدمه في السن فان هذا العشق ظل متوقدا، وكان حريصا لاخر أيام حياته على انجاح واستمرار الاحدية لتكون أشهر منتدى ثقافي على مستوى المنطقة، فرحيل الشيخ فجيعة للوطن وخسارة لأهالي الأحساء بتنوعها الفكري والمذهبي والثقافي.
ولكن يبقى وان رحل رواد الكلمة فان مسيرة التنوير والتغيير من خلال الكتب والمجالس الفكرية والثقافية ومن المتصدين من العلماء والمفكرين وكل شخص قادر على تحمل المسؤولية "رجال ونساء " تستمر بالعطاء. وتكريم الرواد والمبدعين والمتميزين الأحسائيين - من الجنسين - من جميع الفئات والشرائح التي تتميز بها الأحساء، خطوة مهمة على عاتق أهل الأحساء، فنأمل أن يتم تكريم سفير الكلمة والأدب المبارك في حفل كبير يليق بسمعة الفقيد وبالأحساء وأهلها المخلصين، وعلى القائمين على حفل التكريم الحرص على دعوة ومشاركة جميع ما يمثله التنوع الأحسائي. لإعطاء الفرصة لجميع أهل الأحساء في تكريم سفيرها، فنجاح هذا التكريم سيؤدي إلى تكرار مثل هذا التكريم لرواد الأحساء الآخرين في جميع المجالات ومن كافة فئات المشهد الأحسائي الفكري والثقافي والمذهبي.
مسيرة الشيخ الفقيد المبارك عبر الاحدية، وعطاء وجهود الشيخ المربي خوجة عبر الاثنينية - أطال الله عمره وهو بصحة وعافية - ، عمل رائع ومميز للحراك الفكري والإصلاحي في الوطن، ولصناعة جيل من المفكرين والمثقفين والإصلاحيين القادر على حمل راية التغيير والعطاء لخدمة الوطن وحقوق الموطنين عبر التعاون والانفتاح على جميع أطياف وتيارات الوطن بعيدا عن التشدد والتمييز والانغلاق والتقسيم القبلي والمذهبي . نأمل استمرار العطاء وهذا النفس الإصلاحي والتغييري في المنتديات والمجالس الثقافية ودعمها وتطورها، وان يتحمل الجيل الجديد المسؤولية بروح الأمل والعطاء للتغيير نحو الأفضل.
نتقدم بأصدق عبارات التعازي والمواساة إلى الشيخ المربي الكبير عبدالمقصود خوجة، بوفاة ابنه (إباء)، وكذلك إلى عائلة المبارك بوفاة الشيخ احمد علي المبارك، والى جميع المحبين لهم. سائلا الله عز وجل ان يتغمد الفقيدين بالمغفرة والرحمة الواسعة. وإنا لله وإنا إليه راجعون.