استثمار الأموات... سياسة أموية ورثها التجار بالدين

منتظر الشيخ أحمد

لما بلغ معاوية موت الحسن بن علي ، سجد معاوية وسجد من حوله شكراً، فدخل عليه ابن عباس فقال له: يا ابن عباس أمات أبو محمد؟ قال: نعم، وبلغني سجودك، والله يا ابن آكلة الكبود لا يسدن حسدك إياه حفرتك،  ولا يزيد انقضاء أجله في عمرك.
 
لقد كانت حياة الإمام الحسن أمراً محرجاً بالنسبة لمعاوية، بل كان معاوية يعتبر الإمام الحسن شيئاً يعكر لذة الحكم و السلطنة على رقاب الناس، لهذا ما أخفى معاوية شعوره بالفرح بعد قتله للإمام الحسن المجتبى.
 
لقد جاهر معاوية بالفرح الذي أخفاه و آل أمية عند سماعه مقتل عثمان ابن عفان، فمقتل عثمان كان يمثل لمعاوية (فرصة) يطالب بها بدمه و كيف يكون الطريق للثأر من بني هاشم غير دم عثمان؟

أكان طريق الثأر لعثمان أن يمتنع معاوية عن البيعة ويتمرد على الدولة في تلك الظروف المزلزلة التي لا تتطلب شيئاً كما تتطلب رأب الصدع وجمع الكلمة .
أكانت آية ولائه وحبه لعثمان أن يجعل من " قميصه " المضمخ بدمه رايةً يبعث تحتهـا كل غرائز الجاهلية ، ويدير تحتها أتعس حرب أهلية تزلزل الإسلام وتفني المسلمين.
 
لم يكن الهدف الثأر لعثمان، وإنما كان هدفه أن يثير استفزازاً في العالم الإسلامي المتوتر ، ويخرج من وراء ذلك بما يريد من الظفر بالسلطة المأمولة.
 
لقد أستثمر معاوية مقتل عثمان في سبيل تأسيس ملكه العضود.
 
استثمار الأموات... دروس أموية ورثها التجار بالدين:

هلك معاوية و قد خلف درسا مهما في (استثمار الأموات) ليتحول ذلك الدرس إلى سياسة يعمل بها كل من يريد الوصول للشهرة و رفع الرصيد الجماهيري و ذلك عن طريق التجارة بسمعة و شهرة الأموات لأجل شهرته و رفع رصيده الجماهيري و الترويج لفكره التشكيكي المضلل.
 
فنجد (المستثمر بالأموات) يستبدل نداء التهليل و التكبير على الميت إلى بوق للترويج إلى عبادة الطاغوت، و يستبدل أصوات البكاء على الميت إلى موسيقى وطنية تدعوا إلى مجد و حياة الطاغوت.
 
فعند فقد أي عالم تجد (المستثمر بالأموات) حاضراً لتأبينه، و ينسى أتباع أو محبي ذلك الفقيد الذي حمل على عاتقيه إصلاح المجتمع و ربطهم بحب محمد وآل محمد، و تخليصهم من عبادة الأصنام و الطاغوت إلى عبادة الله، تجد من يدعي حبه في حياته قد جرتهم العاطفة فغيبت عقولهم، فمجرد أن ينعى (المستثمر بالأموات) فقيد العلم و التقوى، حتى يحجب البيان عقول أتباع الفقيد فيجعلوا (المستثمر بالأموات) ممثلاً لفقيدهم المتوفى ليخسف نوره، و يحور صورته الملائكية إلى صورة شيطانية، فيغيب دعوى الفقيد بدعواه، و يجعل صورة التأبين مجرد خربشات خالية من حقيقة الهدف و مشوه لفكر الفقيد.
 
فتجد (المستثمر بالأموات) يسجد لله شاكراً سراً عند فقد كل عالم رباني، و كل مفكر حر و رسالي، لأنه يعلم أنه سيجد الكثير من الجهال اللذين سيقدمونه ليخلف العلم و الفكر و الحرية ويستبدلها بالجهل و التخلف و عبادة الطاغوت.
 
و سيتحمل المجتمع(أيا كان ذاك المجتمع) عقبات إتباعه هؤلاء التجار اللذين يتشكلون بألوان متعددة و يبرزون في الساحة بصور شتى لينخروا في العقائد و يدلسوا و يشككوا في الدين لحساب الطاغوت و أعوان الطاغوت.