الشيخ الراضي وحديث الكساء
النتائج التي توصل إليها الشيخ حسين الراضي في بحثه حول حديث الكساء ليست بالجديدة، إذ سبق أن توصل لنفس النتائج الشيخ محمد ريشهري في كتابه ( أهل البيت في الكتاب والسنة )، وبإمكان من يريد أن يطالع البحثين على شبكة الانترنت.
نحن – كمنتمين لمدرسة أهل البيت – لا ينبغي أن نقلق أبدا من أية نتائج لأي تحقيق أو بحث علمي، ما دمنا أتباع الدليل فعلا، وما دام التحقيق أو البحث يتوسل الأدوات العلمية الرصينة المعتبرة، كما إننا مطمئنون تماما - بما لدينا من أدلة عقلية ونقلية – إلى سلامة منهجنا الذي قارع الحجة بالحجة، واستطاع الصمود والاستمرار رغم كل الظروف العصيبة التي مر بها.
- غير أنني أود هنا أن أركز على نقاط أعتبرها في غاية الأهمية:
1- يقولون: لكل مقام مقال. أظن أن البحوث العلمية الدينية أمثال بحث الشيخ الراضي ينبغي أن ينشر في مواقع متخصصة يرتادها أهل الاختصاص من طلبة العلوم الدينية، وليس في مواقع يغلب عليها الطابع السياسي، إذ لا يتعرض البحث في مثل هذه المواقع إلى النقاش العلمي الهادئ المستفيض، بل تكون هناك في الغالب ردود وتعليقات ( مع أو ضد ) غير علمية. ترى لو أراد الدكتور أحمد زويل أن ينشر بحثا عن تقنية الفيمتو ثانية مثلا، فهل سينشره في موقع أخباري ذي جمهور عريض، أم سيبحث عن مجلة رصينة أو موقع علمي متخصص ينشر فيه بحثه ليطلع عليه المختصون – وهم قليل - فيبدي كل منهم رأيه؟
2- إذا لم يكن هناك موقع متخصص على الشبكة العنكبوتية فينبغي إيجاده، وهذه مسؤولية الواعين من خريجي الحوزات العلمية الذين يدركون أهمية الوسائل الإعلامية الحديثة في التعريف برسالة أهل البيت عليهم السلام وفكرهم وتراثهم.
3- لا أدري لماذا لا يثير مثل هذا البحث حفيظة الجادين من طلبة العلوم الدينية فيهرعون إلى مناقشته وإعداد الردود العلمية عليه، فيضرب الرأي بالرأي، ويتم تمحيص الدليل أو الأدلة؟! لا شك أن لدينا أعدادا كبيرة من فضلاء الحوزة الذين يستطيعون أن يتحفونا بآرائهم معارضة أو تأييدا، فلماذا يبخلون بها؟! كما أن بإمكانهم بيان وجهة النظر الأخرى التي يتبناها محققون آخرون كالشيخ الأميني والسيد صادق الشيرازي والسيد جعفر مرتضى العاملي، والتي تؤكد على صحة وشهرة وتواتر حديث الكساء بمضمونه الذي اعتبره الشيخ الراضي موضوعا. أستثني – هنا حسب اطلاعي – الشيخ علي الدهنين حيث كتب ( رد الافتراء على حديث الكساء ) وهو منشور في موقعه.
4- أظن أننا نعاني من أزمة في تحديد أولوياتنا، فبرغم أن الحاجة ملحة إلى بحوث عصرية استكشافية تستنطق النصوص القرآنية وروايات أهل البيت عليهم السلام لتقدم للناس رؤى إسلامية مغايرة للأزمات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية التي يتخبط فيها العالم، وتستخرج كنوز المعارف العالية الدفينة التي تحتاجها البشرية أكثر من أي وقت مضى، برغم ذلك فلا تزال هذه البحوث تعاني من نقص شديد، بينما يتم الانشغال ببحوث أخرى.
كم كان بودي أن تشهد ساحتنا الدينية والثقافية سجالات راقية في المجالات المعرفية والاجتماعية والسياسية والحقوقية، وأن تتنافس على تغيير واقعنا الذي يشكو منا أكثر مما نشكو منه.