امرأة خارقة في حياة الرسول (ص)
من الطبيعي أن يتعلق الحبيب والعاشق بالمحبوب والمعشوق متى ما عرف العاشق بحقيقة المعشوق، مثل عشق المؤمن لربه سبحانه وتعالى إلى حد الذوبان، وكمحبة وعشق فاطمة السيدة الزهراء لوالدها الرسول ، ومحبة الرسول محمد لابنته السيدة الزهراء ، إذ إن كلا منهما يعرف حقيقة عظمة الآخر، فالرسول الأعظم محمد ، سيد الخلق وخاتم الأنبياء والمرسلين وحبيب رب العالمين، هو الحبيب القريب للزهراء سيدة نساء العالمين،كما ان ابنته الزهراء حبيبته وأهم شخصية نسائية في حياته، ومقدمة على زوجاته والآخرين، وهناك دلائل وشواهد وتقارير وروايات تؤكد وتدل على مقدار محبة وعشق الرسول لابنته السيدة الزهراء والعكس، وما العجب والله يرضى لرضاء فاطمة الزهراء!.
للسيدة الزهراء مكانة كبيرة في حياة والدها الرسول الأعظم والقائد الكبير للأمة محمد ؛ فرغم حجم الرسالة والمسؤوليات وتعدد الزوجات فقد كانت السيدة فاطمة الزهراء هي الشخصية الأقرب إليه، يمر على منزلها بشكل يومي وعندما يخرج من المدينة تكون هي آخر من يودعه، وعندما يعود تكون فاطمة الزهراء أول شخصية يلتقي بها، فقد جاء في الروايات: «قدم رسول الله من غزاة له، فدخل المسجد فصلى فيه ركعتين، ثم خرج فأتى فاطمة فبدأ بها قبل بيوت أزواجه، فاستقبلته فاطمة وجعلت تقبل عينيه ووجهه وتبكي». وهذا المرور والتقديم يعبر عن مدى الاهتمام والعناية وأهمية فاطمة الزهراء عند رسول الله في حياته ومن بعده وفي الرسالة والأمة، وأهمية بناء الأسرة الإسلامية النموذجية كاملة المواصفات الإلهية. ولان العلاقة مميزة بين البنت فاطمة وأبيها الرسول ففي معركة الخندق ولان الرسول كان يعسكر مع الجيش في الموقع فكان يشتاق إلى رؤية ابنته، وهي تتلهف لرؤية والدها فكانت فاطمة تزور والدها في موقع عند الخندق وقد سمي الموقع الذي يجتمعان فيه باسم مسجد فاطمة الموجود حاليا، وكانت تأخذ معها بعض الطعام لوالدها، وقد روي عن الإمام علي في حفر الخندق عن الرسول قال: إن فاطمة جاءت إليه بكسرة من خبز فرقعتها إليه، فقال: ما هذه يا فاطمة؟ قالت: من قرص اختبزته لابنتي جئتك إليه بكسرة، فقال: يا بنية أما انها لأول طعام دخل في فم أبيك منذ ثلاث».
وبسبب هذه القرابة الطبيعية والروحية والرسالية فقد كانت السيدة الزهراء حبيسة أسراره وعلومه. وهل هناك من هو اعلم من الرسول ، وهل هناك من عاش مع الرسول الأعظم أكثر من ابنته فاطمة الزهراء؟
وبالتالي من الطبيعي أن تكون فاطمة الزهراء أشبه الناس خلقا وخلقا ومنطقا بوالدها، والأكثر معرفة وعلما ودراية بتفاصيل الرسالة إذ إن الوحي جبرائيل - والملائكة - ينزل على والدها في المنزل الذي تعيش فيه تسمع وترى، ولان الزهراء اعز الناس عند الرسول ، فقد قال النبي العظيم بحقها الكثير من الروايات العظيمة التي تظهر مدى محبة الوالد الرسول لبضعته الغالية ومدى ما تملكه السيدة الزهراء من علم ومعرفة.
فقد قالت أم المؤمنين عائشة: «ما رأيت أحدا أشبه كلاما وحديثا برسول الله من فاطمة، وكانت إذا دخلت قام إليها فقبلها ورحب بها وأخذ يدها وأجلسها في مجلسه».
وقد قال رسول الله الكثير من الأحاديث والروايات في فضل ومكانة ابنته السيدة فاطمة الزهراء منها قال :«ابنتي فاطمة سيدة نساء العامين». وقال: «إنما فاطمة بضعة مني فمن أغضبها أغضبني». وقال:«فاطمة بضعة مني من آذاها فقد آذاني ومن أذاني فقد آذى الله». وقال: «نور ابنتي فاطمة من نور الله عز وجل». وقال: «خلق الله عز وجل نور فاطمة فزهرت السماوات السبع والأرضون السبع ومن أجل ذلك سميت فاطمة الزهراء». وقال : إنّ الله اصطفى على نساء العالمين أربع: آسـية بنت مزاحم، ومريم بنت عمران، وخديجـة بنت خويلـد، وفاطمـة بنت محمّـد .
وآخر امرأة شاهدت رسول الله وشاهدها الرسول وهو يسلم روحه الزكية كانت السيدة فاطمة الزهراء ، فكانت لحظات حزينة ومؤثرة جدا على الحبيبين وهو فراق ابدي دنيوي، في تلك اللحظات اسر النبي في أذن ابنته بكلمات فحزنت ثم تبسمت، حزنت لأنه اخبرها بوفاته، وتبسمت لأنها ستكون أسرع الناس لحوقا به، وعندما رحل النبي العظيم بروحه الطاهرة إلى البارئ بكته ابنته الزهراء بكاءا شديدا وضج أهل المدينة من بكائها فبنى لها زوجها الإمام علي بيت الأحزان، ..وكانت تخرج إلى قبر والدها وتشتكي له ما تعرضت له من ظلم شديد من الأمة بعد رحيله حيث كانت تقول:
ماذا على من شمّ تربة أحمد أن لايشم مـدى الزمان غواليا صبّت عليّ مصـائب لو أنّها صبّت على الأيام صرنا لياليا
السلام عليك يا سيدتي ويا مولاتي يا فاطمة الزهراء يا سيدة نساء العالمين رزقنا الله في الدنيا زيارتك والسير على منهجك، وفي الآخرة شفاعتك.