حلم التنمية الاجتماعية وكابوس الحقيقة !


يسعى الإنسان لليسير وفق أطر وضوابط نظامية،كفيلة برسم حياته،وحياة من حوله أو التأثير عليها في بيئته ومجتمعه،فقد يكون التأثير ايجابيا أو سلبيا .على مستوى فرده خاصة،ومجتمعة بصورة عامة. فالإنسان هو المحرك لذوات الأشياء القارئ للأحداث مسبقا، المساهم في معالجة المعوقات: السياسية والاجتماعية والثقافية..الخ والعمل على تحسينها و تحديد الاستراتيجيات المرنة من الواقع، والنظر في رسم ملاح المستقبل. من أجل توفير مناخ ملائم للمجتمع.ورغم كل اختصاص يعرف التنمية، من زاويته ومفهومه إلى أن هناك اشتراك بالأهداف التنموية لكل التخصصات. فالمجتمعات الطموحة،ناجحة وجديرة بحل مشاكلها،وتعزيز أدوارها على مختلف الميادين والأصعدة بشكل إيجابي، للحصول على حياة أفضل. فالإنسان هو(عجلة التنمية)التي تنطوي تحته مفاهيم واسعة ومجالات متعددة، أجلها   " تنمية النشاط الاجتماعي"الناتج عنة مجموعة من أفراد المجتمع متجانسين فيما بينهم بالمشاركات والأعمال الاجتماعية والخيرية والعلاقات الإنسانية، بشكل فعال و متزايد،.فالنشاط الاجتماعي "لب التنمية" والأيديولوجية الحقيقية في أنجاز ثمرات أفكار البشر،بل هو مركز التقاء تكامل المجالات التنموية،الناتج عنها،ظهور"المجتمع الحديث"والمنظم المحتضن لعامة المؤسسات والمواطنين والشعور بهم كأخوة ،وهو كفيل بتعزيز الترابط الاجتماعي و زيادة الوعي العام،وهو الوقود والشعلة في رفع معنوياتهم ،ورسم الابتسامة والأمل على محيا أفراد المجتمع بروح ( الجسد الواحد أذا أشتكى منه عضوا تداعت له سائر الأعضاء بالسهر والحمى )،وهو مساهم بارتقاء خدمات المؤسسات الحكومية والأهلية،والحصول عليها بسهولة ويسر،بشرط تبني الحكومة الدور أولا،وإشراك أفراد المجتمع بأوجه المصلحة العامة،حيث ينبثق منه مفهوم الأعمال الخيرية و التطوعية والمنافسة الشريفة في البذل والعطاء بين أفراد المجتمع،وبروز اللجان والمؤسسات المدنية بأنواعها كوحدة واحدة ،فالتنمية أداة التغير الأفضل،وليس التغير أداة التنمية .

  • وتعرف التنمية الاجتماعية عند دوز ساند رز: social Development

بأنها ( الجهود التي ترمي إلى إحداث سلسلة من التغيرات الوظيفية والهيكلية اللازمة" لنمو المجتمع "، وذلك بزيادة قدرة أبناءه على استغلال الطاقة المتاحة، إلى أقصى حد ممكن، ليحققوا أكبر قدر من الحرية والرفاهية، بتخطي معدل النمو الطبيعي ). ويقول ساند رز في تعريف آخر التنمية هي ( تحريك الموارد كافة، المادية والبشرية والمالية، تحريكا يحقق أعلى مستوى اقتصادي ممكن، وأكبر قدر من العدالة الاجتماعية )." مؤكدا إلى أن التنمية،لا تقتصر على المجال الإنتاجي وحدة،ولان أسلوب توظيف عائد التنمية،ونوعية المشاركة السياسية،وتشكيل بناء القوة الاجتماعية ،هي  رهن باستقرار المجتمع ،وحسم صراعاته الداخلية،الأمر الذي يمنح التنمية مزيدا من الطاقات الدافعة "  أذن التنمية هي صناعة الفرد،لأعمار الأرض ورفعة الأوطان ،وهي الغاية التي نسعى أليها جميعا لتحسين العلوم والمعارف،والارتقاء بمستوى الإنسان والخدمات في كل مدينة وقرية وهجرة على أرض الوطن بكل عدل وأنصاف وأمانة ،بأسس علمية و منهجية واضحة ومنظمة،كفيلة بتحسين الواقع وإعداد مستقبل يسوده التفاؤل.

  • أثر التنمية على الترابط الاجتماعي  :

تعزيز الوحدة واللحمة الوطنية، والتماسك الاجتماعي والمحافظة على الممتلكات العامة والخاصة والشعور بالمواطنة والانتماء وتعزيز العلاقات مع كافة الأطياف في المجتمع، حيث يعم الوطن الطمأنينة والعزة، والرفعة والأمن والأمان.وكذلك تهيئة المواطنين نفسيا وذهنيا مما يؤدي لتحسين السلوك وتقليل نسبة المخالفات بأنواعها وأشكالها والمساهمة على بذل العطاء والعمل بطاقة حيوية أكبر وتعزيز دور الاقتصاد الوطني الفعال وتسهيل عملية جذب الاستثمارات للمجتمع،ومعالجة خلل البطالة والفقر،والتميز الطائفي والمذهبي ،حيث يصبح المجتمع في أوج ازدهاره وإنتاجه.بدل انشغال الأفراد في تأمين أقواتهم اليومية وأتساع فجوة التقارب .وإضاعة أوقاتهم على حساب ( تعطيل حركة التنمية) بين جزر ومد!فكل الدول التي تسير وفق أطر التقدم بدأت بدراسة حال شعوبها أولا،وسعت جاهده لمعالجة مشاكل حاجاتهم بشفافية ووضوح ،ولكن المحزن من ذلك،أن هناك مصالح الواضح منها للأسف أنها لا تتمنى أن تكون أفراد المجتمع متجانسين ومترابطين فيما بينهم ! وقادرين على التفكير والتطوير الإبداعي ! ساعين بذلك لأشغالهم بحياتهم، وتشتت أهدافهم وإحباط جهودهم التنموية! مخافة إثبات الجدارة والكفاءة بدل منهم،!وحتى لا تكشف بطانتهم السيئة و تعيق مصالحهم الشخصية التي طالما دفع قيمتها المواطن على حسابه،حتى أشتد الأمر من ذلك لمحاربتهم في التفكير والإصلاح، وكأن الظلم والتجاهل عن الأخطاء في نظرهم معالجة للحلول! فظهرت المشاكل بأنواعها وأشكالها التنموية، من بطانة سيئة و اختلاسات رسمية، واللامبالاة، وخدمات للموطن أقل من مستوى الدول النائية ناهيك عن الحقد والتميز الطائفي الذي تفاقم وأصبح ظاهرة من الصعب حلها ! وأخذت السموم مكانها من شباب الوطن هروبا من الواقع المحبط ،فمثل هؤلاء مجرمون حقيقيون واهمون بعقولهم الخربة،متملقون بجشع الذات،الذين أصبحوا حجر عثرة يعاني منها الوطن والمواطنين ووجودهم خطر ووباء يهدد الجميع،ولذلك ما يحصل من بعض أفراده المجتمع من سلوكيات غير أخلاقية هي نتاج طبيعي!أحدى أسبابها هؤلاء أصحاب الفكر المتخلف المغيبين للعدل والأنصاف،فعلماء النفس يقرون ويؤكدون على أن هذا العصر سيصاب أغلب البشر فيه بالأمراض النفسية والعصبية وزيادة مستوى الجريمة أضعاف المرات بما تكون علية الآن،إدا استمرت أحوالهم على التردي،بدون تدخل حقيقي من الحكومات ومشاركة الجهات الأهلية لإجادة الحلول الجذرية في المجتمع فعلى المؤسسات بأنواعها الحكومية والأهلية المسارعة والمبادرة في التحليل الموضوعي للواقع ورسم الاستراتيجيات المنظمة لكل دور ،من أجل  تبلور أهداف الأفراد واستطاعتهم على تحديد طرق مساراتهم ورغباتهم بوضوح بما يخدم التنمية،لاستكشاف العلوم والمعارف،بدل من تدمير وقتل الأفراد، وإعاقة طموحهم وتنافسهم الشريف !.

  • أهم المشاكل التي تعانيها التنمية الاجتماعية في السابق والحاضرهي:

أولا_ التميز الطائفي والمذهبي على حساب العرق والقبيلة،وخلق الفجوات الكبيرة بين أفراد الوطن . ولا زال الشك ينتاب الآخرين على مستوى التقريب والحوار وصدق النوايا بمرض عدم الثقة بولاء بعض الموطنين وانتماءاتهم حتى بعد اكتشاف الحقائق ! .

ثانيا_ تعطيل دور حركة اللجان الأهلية من ممارسة أنشطتها بما يخدم المجتمع ومنعها من التوسع في الأعمال التنموية، والتطويرية،  وكذلك حضر ظهور المؤسسات المدنية وعدم التوصل لمعرفة أدوارها بوضوح !.

ثالثا_ احتكار الوظائف الأمنية لفئة دون أخرى وعدم تبني الحكومة توظيف رجال أمن من نفس جنس أفراد المجتمع ! فعلم النظريات الأمني أقفل على هذا الفكر الواهم! وليس هناك مقاييس وإحصائيات لرصد حالات المشاكل والأجرام، حتى على مستوى الإيماءات لم تكن مبادرات لعلاجها ! بل الواضح تجاهلها، وغض النظر عن أسبابها، وعدم مناقشة حلولها أن كان في الأمر ترميم لذلك! مما يجعل بعض أفراد المجتمع في شك على أن هذا التجاهل، بات مقصود ومدبر ! .

رابعا_غياب الجهاز الرقابي الفعال،وانعدام التقارير والإحصائيات الحقيقية والواضحة ،وتدني مستوى الخدمات وعدم القبول بها وتضاعف أجورها وهي في الحقيقة واهية الأسعار،وما كشف في الآونة الأخيرة من فضائح للسرقات وتدني مستوى الخدمات كان بفضل الله،وليس من يدعون العبقرية والغيرية على الوطن مما كلفنا الخسائر البشرية والمادية، فالقادم أكبر وأخطر.

خامسا_ شح البرامج الثقافية والإرشادية والتوعية في عامة المؤسسات، وانغلاقها على ذاتها، وعدم معرفة الأنظمة والقوانين الداخلية للمواطن والمقيم واللوائح التي تكفل الحقوق والواجبات.

 سادسا_ إهمال بعض المدن من بدء الإصلاحات التنموية على حساب مناطق أخرى و الازدواجية في وجهات النظر للمسئولين وبحجة أسباب غير موضوعية ،وعدم التنسيق بين الجهات المعنية للمبادرة بوضوح ،وكذلك إعاقة حركة أفراد المجتمع من تعليق الحلول على أكتافهم ،ومن جهة أخرى يسعون لإعاقتهم!.

  • الحلول والمقترحات العامة لمعالجة خلل التنمية الاجتماعية وهي كالتالي :

أولا_ الرغبة الحقيقية بالتنمية،ومعرفة مفاهيمها وتفعيل أدوارها بموضوعية وتعزيز دور المشرفين والمراقبين وتسليط الأضواء على المنجزين والمخترعين وتحفيزهم ،مادينا ومعنويا ومنحهم الفرص العملية والتطويرية بتدعيم أفكارهم،وخلق المنافسة الشريفة بين أفراد المجتمع من الجنسين وأخذ القرارات الجازمة على كل مخالف مهما كان نوعه،وعدم التميز العنصري .

ثانيا_الاهتمام بإمكانيات الأفراد العاملين والمميزين و تعزيز أدوارهم وتسهيل ما يحتاجونه وتدعيم علومهم وتخصصاتهم بالمال والمكان  والنظر بعين التنمية المستدامة،وعدم إعاقتهم في أعمالهم التنموية فهم غيورين ومحبين لوطنهم ومجتمعاتهم ،فأين الفكر الحاضن ؟.

ثالثا_التعاون الاجتماعي خاصة بين شباب الوطن وعدم أقصار الأعمال على فئة دون أخرى وتفعيل دور المشاركات الوطنية والاجتماعية في عامة الميادين،بين أفراد المجتمع والشعور بالتقارب والمحبة وكسر المعوقات بينهم،من أجل استقرار المجتمع ،وكذلك منحهم الفرص الإدارية العليا ( تحت مظلة الوطن للجميع ).

رابعا_ تفعيل مراكز الدراسات والبحوث العلمية،واللجان الأهلية،ومراكز الاتصالات والمعلومات لكل مجتمع ومدينة على مختلف الميادين الأمنية والصحية والتعليمية والاجتماعية والفنية والرياضية..الخ والاعتماد على النتائج والأرقام المبينة ،والعمل على بداء المعالجة بأسرع وقت ممكن  .

خامسا_ ضبط حركة الإعلام بأنواعه المقروء والمسموع والمرئي،ومحاسبة كل مخالف وتخصيص ملاحق وبرامج تعليمية وثقافية بمنهجية عالية ونقل عادات وتقاليد كل مجتمع للتعرف على ثقافة المجتمعات الأخرى وإزالة ما هو موهوم عند بعض الناس.

سادسا_ السعي حول توفير مرافق عامة في المجتمع من حدائق ومنتزهات نموذجية، باختلاف مستوى الفئات العمرية،يلجئ إليها المواطن للراحة والتنفيس عن الضغوط  والأرق،واستغلال مناطق الآثار علميا واقتصاديا .

وبذلك أن الحلول التنموية لا يمكن أن يضعها شخص برمته، بل تحتاج لتضافر الجهود البشرية والمادية والمعنوية ودراستها من عدة زوايا وأوجه مختلفة ، لأحداث التغيرات و معالجة نواقص التنمية في أية مجتمع من مجتمعات الوطن لتلبية حاجاتهم . من أجل تحقيق أعلى المستويات في مختلف الميادين الأمنية والاقتصادية والثقافية والصحية والاجتماعية والفنية...ألح فالتنمية:عملية متكامل ومستمرة ومنظومة منظمة علمية وفنية وتقنية متداخلة في كل جوانب الحياة وبها يقوم تعزيز دور "الترابط الاجتماعي "واستقراره. فمتى نرى تلك المشاركات الفعالة ؟ آمل أن يكون قريبا .