لكي نحقق النجاح في حملاتنا

لاشك أنَّ كل إنسان يصبو دومًا لتحقيق النجاح على مختلف الأصعدة فمن طبع البشر أنهم لا يقبلون بالفشل ، بل يرفض المرء رفضًا شديدًا أنْ يوصف بالشخص الفاشل وإنْ كان ذلك الوصف ينطبق عليه تمامًا ، فالإنسان بطبعه يعشق النجاح .

وتبقى كلمة النجاح سهلة النطق صعبة التحقيق ليست مستحيلة ويظل النجاح نسبيًا عند بني البشر فصفة الكمال انفرد بها الخالق عن المخلوق ، ولا ريب أنَّ إدارات حملات الحج والعمرة والزيارة تسعى جاهدة لبلوغ درجة النجاح والتميز لا سيما أنها في تنافس دائم فيما بينها حيث نسمع ونرى بين حين وآخر إعلانًا عن حملة هنا وهناك وهذا أمر إيجابي فتعدد الحملات يكسر الاحتكار والاستغلال والمستفيد الأول من هذا التعدد هو أنا وأنت ، وهذا التعدد يدفع إدارات الحملات إلى تطوير حملاتها والارتقاء بها كي تجذب أكبر عدد ممكن من الحجاج والزوار ، فكيف يمكن لإدارات الحملات بلوغ درجة النجاح والتميز ؟

من وجهة نظري القاصرة هناك عوامل عدة تقف وراء ذلك وتشكِّل جميعها حلقة واحدة لا يمكن فصلها عن بعضها البعض وهي على النحو الآتي :

•  الإدارة هي الترمومتر لكل مشروع فإذا وجدت مشروعًا ناجحًا فاعلمْ بأنَّ وراءه إدارة مبدعة تنشد النجاح والتميز ، لذا يجب أنْ يُشكَّل مجلس إدارة الحملة من أفراد يحملون مؤهلات علمية في مجال الإدارة ، فالإدارة هي القاعدة التي تُبنى عليها جميع الأمور المتعلقة بالحملة ، ولا يعني ذلك عدم ضم أفراد آخرين لديهم خبرة كافية في إدارة الحملات وإنْ لم يكن لديهم مؤهلات علمية فكل منهم يكمل الآخر .

•  وضع خطة سنوية شاملة لكل متعلقات الحملة ، وهذه من المهام الرئيسة التي تقع على عاتق مجلس الإدارة .

•  المتابعة الإدارية المستمرة لكل المهام الموكلة لكادر الحملة ، فالمتابعة الدقيقة بمثابة المضاد الحيوي الذي يحصِّن الحملة من بروز السلبيات ، فتوزيع المهام على الأفراد من دون متابعة يظل عملاً ناقصًا .

•  التقييم الدوري الشامل للحملة من قبل الإدارة للوقوف على الإيجابيات وتعزيزها ، ولرصد السلبيات كي تتفادها مستقبلاً ، وهنا ينبغي على الإدارة ألاَّ تقلل من حجم السلبيات فلربما سلبية قد تكون في نظر الإدارة ليست ذات تأثير لكنها في نظر الحاج أو المعتمر أو الزائر مؤثرة إلى حدٍّ كبير قد تكون سببًا في عزوفه عن الحملة مستقبلاً .

•  وضع الحلول البديلة والتهيؤ المسبق لمواجهة أية عقبة قد تواجه الحملة بشكل مفاجئ كي لا تتعرض الإدارة للإحراج والارتباك .

• الحملات تشكل مجتمع مصغَّر لكل فرد طبائعه وسلوكياته التي تميزه عن الآخرين ، وهذا يتطلب وجود أخصائي اجتماعي لعلاج المشاكل السلوكية التي قد تطرأ بين الملتحقين بالحملة .

• الاختيار الدقيق لكوادر الحملة من حيث السلوك والتدين والجدية في العمل ، فهم المرآة التي تعكس جودة الإدارة .

•  وضع حوافز مادية ومعنوية لكوادر الحملة لخلق التنافس الشريف فيما بينهم ، وتكريم المتميزين منهم ، فهذا يدفع الكوادر لمزيد من العطاء والتميز .

• اختيار المرشد الديني المؤهل من حيث الكفاءة العلمية ، والخلق الرفيع ولعل أهم الصفات التي ينبغي أن يتصف بها المرشد الديني سعة الصدر والبشاشة والتواصل مع الآخرين كي يتفاعل معه الملتحقون بالحملة وتتحقق الفائدة المرجوة من وجوده في الحملة .

• التواصل المستمر بين إدارة الحملة والملتحقين بها والانخراط في أوساطهم للوقوف على احتياجاتهم ومعرفة مرئياتهم وملاحظاتهم تجاه الحملة ، ويُفضَّل عمل نموذج ( استبانة ) يتم توزيعه عليهم الغاية منه تقييم الحملة تقييمًا شاملاً من قبلهم ، وهذا بلا شك يساعد إدارة الحملة على تجنب العديد من الأخطاء التي قد تبرز بين الفينة والأخرى .

•  أخيرًا ينبغي على أعضاء مجلس إدارة الحملة أن يضعوا هذا السؤال أمام ناظريهم باستمرار:

لو كنتُ حاجًّا أو معتمرًا أو زائرًا في إحدى الحملات ، فماذا أريد من إدارة تلك الحملة أن تقوم به تجاهي ؟
كما عليهم أن يعملوا بقول إمام المتقين علي :( إنَّ الله يحبُّ إذا عمل أحدكم عملاً أنْ يتقنه ) .
لربما هناك عوامل أخرى تؤدي للنجاح والتميز أكتفي بهذا القدر ، إلاَّ أنني في ذيل هذه السطور أودُّ الإشارة إلى أمر مهم يتعلق بنا كحجاج أومعتمرين أو زوَّار علينا أن ندرك بأن القائمين على هذه الحملات هم بشر مثلنا قد يقعون في أخطاء غير مقصودة وبعض هذه الأخطاء خارجة عن إرادتهم وبعضها ناتج عن قصور لا تقصير ، فليس هناك إدارة تتمنى الفشل لحملتها فعلى الملتحقين بالحملات التحلي بالمرونة في تعاطيها مع إدارة الحملات وتكون نظرتهم واقعية فلا مثالية في هذه الحياة .