ودّي أصدق
* ودّي أصدق أن الشيعة ليسوا مستهدفين من الهجمات الإرهابية، فوسائل الإعلام والمتنطّعين على تويتر وأخواتها يقولون إن تفجير المصلين في مسجد الإمام علي بالقديح، ومسجد الإمام الحسين بالدمام، ومسجد الإمام الصادق بالكويت، كل تلك الأعمال الإرهابية لم تكن تستهدف الشيعة! يا سبحان الله! الظاهر أن داعش استأجرت مرتزقة من المريخ، فأضاعوا الطريق. أوليست داعش نفسها قد أعلنت استهدافها للشيعة، فهل نصدقكم أم نصدقهم أم أن الرأي واحد لكنها (التقية)!
* ودّي أصدق أن الإرهاب لا يعرفدين وليس له مذهب، فالكثير من الناعقين ممن يحرضون على الإرهاب (وهم معروفون)، أو على الأقل يمكن الوصول إليهم (إذا ما أرادت الجهات المعنية ذلك) كثير منهم يدعي أن الإسلام بريء من هؤلاء الإرهابيين، وهذا صحيح إذا افترضنا أن الاسلام الذي يتحدثون عنه غير إسلامهم الذي يضج تاريخه القديم والحديث بالكثير من الأحداث المفجعة، وكأن الذين قتلوا الإمام الحسين كانوا من أتباع بوذا، أو أن بن ملجم كان هندوسياً.. أليس خطيبكم من يتباهى بشجاعة خالد بن الوليد في الطبخ على رأس مالك بن نويرة.. وهل كان بسر بن أرطأة من الملاحدة أو من الزرادشتية؟
* ودّي أصدق أن الإرهاب دخيل على المجتمع! فالناس هنا على قدر كبير من التقوى والورع فلا يمكن أن يقوم أحدهم بمثل هذه الأعمال القبيحة.. ويستحيل أن يكون حاضنة للتطرف الديني على وجه الخصوص.. لربما ما نسمعه من نهيق واستهزاء بعقائد الآخرين في مكبرات الصوت يصلنا من اليابان، فهي قادرة على توفير تقنيات تكفى لإيصال أصوات خطبائهم وهم يكفرون الشيعة على منابر طوكيو، ويجرون بعض التعديلات على الصوت ليتناهى لنا وكأنه صوت شيخ بلكنة قصيمية! ثم إن أسماء الإرهابيين الذين يتم القبض عليهم أو الذين تعلن التنظيمات الإرهابية أسماءهم بعد تنفيذهم لذبح المصلين.. كل تلك الأسماء بلا استثناء هي أسماء يابانيين من قبيلة (ياسو ياماموتو) وبعضها مرّ علينا في الرسوم اليابانية المتحركة مثل قرانديزر.
* ودّي أصدق أن إعلامنا نظيف، وهو يدعو للتسامح والتعايش والسلم الأهلي، وأنه لا يفرق بين أبناء المجتمع الواحد.. لكن المشكلة أن الإعلام هو المثل الأعلى في الرقابة، وإذا فات شيء على الرقيب الرسمي فلن يفوت على الرقيب الداخلي في المؤسسة الإعلامية نفسها.. ربما هناك جن يكتبون مقالات في الصحف تكفر طائفة هي جزء أصيل من هذه البلاد، ربما هناك كائنات أخرى لا نعرفها يقدمون برامج على الفضائيات يبثون سمومهم خلافاً لإرادة وثقافة وزارة الإعلام، أو ربما لهؤلاء الكائنات قدرة على تولى مناصب وممارسة صلاحيات أكبر فيصدرون تراخيص ويجيزون كتب مليئة بالعفن الطائفي.
* ودّي أصدق أننا نعيش أفضل مستويات حرية التعبير عن الرأي، فكل الطوائف يمكنها اصدار صحفها والتعبير عن معتقداتها، وتأسيس فضائيات تبث لعلمائها ومثقفيها وتستعرض تاريخها، كما أنهم يستطيعون الرد على أي مخالف لهم في الرأي من خلال الوسيلة نفسها التي يقوم فيها المخالفون لهم بممارسة هواية الشتم والتخوين والتكفير لهم.. ربما اعتقد المعنيون بضبط الحريات أن الآخرين يمارسون حرياتهم في التعبير عن الرأي أو عن الظلم والقهر في بيوتهم أوجلساتهم في الديوانية (إذا لم تكن مخترقة من دبابيس) وهذا يكفي بل هذا هو التعريف الدقيق للحرية، هو أن تتكلم مع نفسك وأن لا تتعدى على حرية الآخرين بالرد عليهم إذا شتموك.
* ودّي أصدق أن مناهجنا التعليمية تمارس التربية وفق منهج وسطي يعتبر هو الأفضل من بين كل مناهج العالم، كيف ونحن أتباع الدين الإسلامي الذي يصفه المولى عز وجل "وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً ".. ربما انبرى بعض المهووسين بطريقة (نحن الأول في العالم على مستوى كذا، والترتيب الأول في إنجاز كذا) في الدفاع عن هذه المناهج وأنها تنافس مناهج السويد والدنمارك، وأن مثلها مثل شوارعنا التي تنافس اليابان وأمريكا في الجودة.. كيف لي أن أصدق ذلك وهي مناهج تصف ليس الشيعة فحسب، بل الكثير من أتباع المذاهب الإسلامية بأنهم كفار ومشركون؟ كيف والجامعة الاسلامية تناقش رسالة ماجستير بعنوان " السيف الباتر لأرقاب الشيعة الرافضة الكوافر"! وتمتليء الكتب المدرسية بتكفير عبدة القبور على حدّ وصفهم لمعظم المسلمين الذين يزورن القبور ويصلون عندها أو يقيمون مساجد عليها.
* ودّي أًصدق أن الناس سواسية، وكلهم يخضعون لمقاييس واحدة في التوظيف والتدرج الوظيفي، وليس هناك لا في القطاع العام ولا الخاص أي تفرقة مذهبية، ولا مناطقية، بالعكس تماماً.. هل سمع أحدكم شكوى على وزارة من وزارات الدولة أو شركة من شركات القطاع الخاص بأنها حجبتوظيفة أو درجة وظيفية عن شيعي. أستغفر الله..
* ودّي أصدق أشياء كثيرة، لكن إذا كان بعضها يمكن أن يصدقها المخابيل، فإن بعضها الأخر عصي على التصديق بل قوية جداً إلى حد لا يمكن أن تمر على الهبل. الواقع كالشمس أكبر وأقوى من أن يحجبها غربال.. وكفى ضحكاً على الناس، ليس لأن الضحك مكروه، بل لأن حالنا يستدعي وقفة جادة وصادقة، ولأن المستقبل لن يضحك في وجوهكم. المطلوب ممارسة الصدق واستكشاف الخلل ووضع اﻷصبع على الجرح ﻻ تغطيته وتركه للزمن.