الحسينُ.. سؤال الماء

هَيِّئْ لعقليَ مِنْ مَعْناكَ مُرتَفَقَا 

 حَاوَلْتُ فَهْمَكَ ، لكنْ زِدْتَني غرَقَا

طُوفَانُ كُنهِكَ لم يَعْصِمْ مُخيِّلَتي 
وفوقَ ( جُودِيِّكَ ) الماءُ ارتَمَى صَعِقَا

لأَنْتَ مَحْضُ سُؤَالٍ كانَ باغَتَني 
مُذِ ارْتَشَفْتُكَ طِفْلاً فيَّ قدْ نطَقا

مَا سِرُّ حَرْفِكَ بالغَيْمَاتِ مُكْتَنِزٌ 
 يَسَّاقَطُ المَطَرُ القَانِيْ إذا اتَّسَقَا ؟

أرَاكَ في دَمْعِ أُمِّيْ قِبْلَةً نزَلَتْ 
على قِمَاطيْ ، فصلَّى العِشقُ .. واعتنقَا

الماءُ ظِلُّكَ ، إنْ أذكُرْكَ .. رقْرَقَني 
وحَرُّ ( طَفِّكَ ) مِنْ عينيَّ قدْ شَرَقَا

أيَدَّعِي العَطَشُ استَغْشيْتَ بُردَتَهُ ؟! 
 وتَحْتَ ( جُودِكَ ) يغفُو النَّهرُ مُنْدَفِقَا !

دُسْتَ الفُرَاتَ ، وَلمْ تعبَأْ ببَارِدِهِ 
 وَحِيْنَ جُزْتَ وَمَا رشَّفْتَهُ .. شَهَقَا

وجُرحُكَ / البحْرُ مفتوحٌ كفلسفةٍ 
 فيها الزّمانُ أسِيرُ الفَهْمِ ما انعتَقَا

بِطَلْسَم الجُرْحِ وعيُ الماءِ مُنشَغِلٌ 
مِنْ أيْنَ يشرحُ كَوْنًا أنْهَرَ الغَدَقَا ؟

لمَّا رَضيعُكَ .. روَّى السَّهْمَ زمزمُهُ 
مَلأتَ منْ نحْرِ إسماعيلِكَ الأُفُقَا

ومِنْ حَطِيمِ جَبينِ الوَحْيِ هل صدَعَتْ 
 كلُّ الرِّسالاتِ تتلو رأسَكَ/ الأَلَقَا ؟

كُلُّ الجهاتِ بلونِ ( العَاشرِ ) اكتَحَلَتْ 
وكلُّ بوصلةٍ ترمي لهُ الحَدَقَا

هُوَ ( الحُسَينُ ) نَبيُّ الجُرْحِ ، في دَمِهِ 
 حكايةُ الماءِ .. لم تُختَمْ .. مُذِ انْدَلَقَا !

وكربلاءُ روَتْ مِنْ فَيْضِ أَكْؤُسِهِ 
مِنَ الأحاديثِ .. ما إدراكُهَا زَلَقا !

حتَّى المُثلَّثُ لَمْ تُغْفِلْ سِقايتَهُ ! 
لِمَهْرِ فاطمةٍ أو صَدْرِكَ .. استبقا ؟

وسُقْتَ مِنْ دَمِكَ الأعلَى .. سَحابَتَهُ! 
 وكيْفَ يَظْمَأُ مَنْ قلبَ السَّمَاءِ سقَى ؟

وباسمِكَ اللهُ ساقَ العَرْشِ زَيَّنَهُ 
للهِ عَرْشُكَ! فيهِ الشِّمْرُ كيفَ رقَى ؟

إنْ طَافَ رَأْسُكَ في عَسَّالِهِ .. ففمٌ 
يتلُو الحياةَ .. وَنهرٌ صَوتَكَ اسْترَقَا

نقَشْتَ سِرَّكَ وَسْطَ المَاءِ أُحْجِيَةً 
فأنْتَ إذْ أنتَ .. لا عينٌ رأتْ حَذَقَا

إليكَ تَكتَظُّ بي في الحُبِّ أشرعتي 
إذا وجدتُكَ .. هلاَّ زِدْتَني غَرقَا !

 

✏ عبدالعزيز آل حرز- 1437 هـ