وعي الخبر
قال الإمام علي : "اعْقِلُوا الْخَبَرَ إِذَا سَمِعْتُمُوهُ عَقْلَ رِعَايَةٍ لاَ عَقْلَ رِوَايَةٍ، فَإِنَّ رُوَاةَ الْعِلْمِ كَثِيرٌ، وَرُعَاتَهُ قَلِيلٌ".
مع التطورات السريعة في وسائل الاتصالات الحديثة، تطرق أسماعنا وأنظارنا العديد من الأخبار والأحداث المحلية والعالمية، وسواء هذه الأخبار في الجانب السياسي، أو الاجتماعي أو الديني، أو الصحي، .... وبين ذلك الكم الهائل من الأخبار تختبأ العديد من الإشاعات بمختلف مسمياتها، والأخبار الكاذبة، والأخبار المضخمة والأخرى المحرفة،...وفي هذا الجانب سأذكر بعض النقاط:
- ضرورة متابعة الخبر
ورد عن الإمام الصادق : "العالم بزمانه، لا تهجم عليه اللوابس".
فمن يتابع الأحداث فإنه يبقى متحصناً ضد الشبهات (اللوابس).
ومن يقرأ الحاضر (زمانه) فإنه يقرأ المستقبل ويساهم في صناعته.
ولأن العالم مترابط مع بعضه البعض في مختلف الأصعدة، لذا لابد من متابعة كل جديد يحدث في العالم، لأن كل حدث له ضلاله وانعكاساته على المجتمعات الأخرى، والتطورات العالمية لها تأثيراتها على جميع المجتمعات.
روي عن رسول الله أنه قال : من أصبح لا يهتم بأمور المسلمين فليس بمسلم.(أصول الكافي) لذا فإن متابعة أخبار العالم وما يجري فيه من أحداث سياسية واقتصادية واجتماعية جزء من الوعي الذي ينبغي أن يتحلى به الإنسان المسلم.
- كيف نتعامل مع الخبر بطريقة صحيحة ؟
الإنسان بطبعه مولع بحب الجديد، لذا تراه يتلقى الأخبار الجديدة بمختلف أشكالها، بل قد يساهم في نشرها بين الناس، ناسياً أن هذا العمل هو مسئولية وأمانة يسأل عنها يقول تعالى: )ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا)الإسراء/36.
لذا لابد من إتباع منهج التثبت والتبين من صحتها أو كذبها حين التلقي أو النقل يقول تعالى: (يا ايها الذين آمنوا ان جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا ان تصيبوا قوماً بجهلة فتصبحوا على ما فعلتم ندمين) سورة الحجرات آية 5
ولنا في قصة نبي الله سليمان مع الهدهد درس وعبرة، جاء على لسان الهدهد: (وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ) فلم يقل سمعت، أو قرأت أو (كما وصلني) بل قال : "نبأ يقين" متأكد 100% وقد فصل الخبر تفصيلا دقيقاً في الآيات الأخرى. فما كان من نبي الله سليمان إلا أن(قَالَ سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ) لم يتخذ موقفاً سريعاً، بل سننظر أي نتأكد، نتبين، نتثبت من نقلك لهذا الخبر.
وإليك بعض النقاط السريعة:
1 / إن نقل الخبر أمانة ورسالة عظمى يجب تحري الصدق فيها والإلمام بكل معلوماتها الصحيحة من كل جانب وعدم التسرع في كتابة الخبر بمجرد سماع الخبر نفسه وإنما يجب البحث والتحري الدقيق، وليس مهما نقل الخبر، بل المهم هو التحقق من تلك الأخبار التي تنشر. وتذكر أنك أنت مسئول عن أي خبر تنشره.
2 / تحقق من الخبر قبل نشره، وذلك من خلال الإجابة على الأسئلة التالية:
من : الشخصية (الفاعل).
ماذا : الحدث (الفعل).
أين : المكان.
متى : الزمان.
لماذا : السبب في وقوع الحدث.
كيف : كيف وقع الحدث؟
3 / التأكد من مصداقية ناقل الخبر، وفي هذا الصدد ورد عن الإمام الصادق أنه قال: قال أمير المؤمنين : إذا حدثتم بحديث فأسندوه إلى الذي حدثكم فإن كان حقاً فلكم، وإن كان كذباً فعليه. ( الكافي)
4 / المتابعة اليومية للأخبار (مهما كان نوعها) يؤهلك لمعرفة الخبر الصحيح من الخبر الكاذب، لذا يمكنك صناعة برنامج متابعات يومية لباقة الأخبار التي تحبها.
5 / يمكنك التدقيق في صحة الخبر من خلال الاستفادة من الشبكة العنكبوتية، من المصادر الموثوقة.
عندما تقرأ الخبر بوعي فأنت:
تبني قراراتك واختياراتك بوعي، وتتخذ المواقف السليمة.
تتمتع بذكاء في تنقية الخبر.
وتذكر : أن المصداقية في نقل الخبر أهم من السرعة في نقله.