سياحة في عقل رجل بصير ..
كهاوٍ للسياحة وككاتب محترف لصيد الأفكار يبرع مؤلف كتاب السياحة الموسوي في الإستهلال بمقالة صغيرة الحجم رفيعة المعنى محكمة التسديد بصيرة الهدف.. إنها نظرية الإنجاز التراكمي تلك التي تستمد وعيها من القطرات والذرات في تسلسل درامي لتكوين سحابة ولو الكترونية على احدى منصات التواصل الإجتماعي، لتتكثف ثم تمطر كتاباً ولو بعد حين..
مقالة صغيرة كرأس سهم تنفذ عن قوس القلم إلى كل أولئك الكتّاب الذين ينشدون الكمال في تكوين كتابهم الأول أو الثاني والثالث..
إلى الذين لم يتأملوا بعد مقولة سيد البلغاء والحكماء علي بن أبي طالب : (لاتستحي من إعطاء القليل فإن الحرمان أقل منه)..
وكنوع من العتب الشريف وكترجمة عملية وكتصديق للقول بالفعل، يقدم لنا كتابه الآنف الذكر انموذجاً لهذه النظرية أو القاعدة الذهبية..
كتاب ضمّ بين دفتيه ألوان الفصول الأربعة برقشها ونقشها..
ولك أن تتأمل في كل عنوان كمبدأ وفكرة منحوتة آمن بها الموسوي وتمثلها وتمثلته واصطبغ بها واصطبغت به..
واذا أردت الحديث بتجلّ أكثر فإن هذا الكتاب يمثل سياحة في عقل رجل بصير يكشف لك الكثير من المعاني اللطيفة والشمائل الشريفة والأفكار الطريفة، التي يتحلى بها الكاتب ويؤمن بها ..
حال قدومنا إلى مشهد المقدسة قال لي ولدي حسين:
أبي \"المختار الثقفي\" رجل سياسة وحرب، وسيد محمود رجل سياحة و ....ماذا؟
تبسمت وقلت: (رجل سياحة وحب)، لإكمال السجعة وإشارة إلى كتابه الأول الحب في العلاقات الزوجية الذي لاقى انتشاراً واسعاً وطبع اكثر من ٥ طبعات بحلل جميلة متعددة، واستفاد منه الكثيرون وشهدت شخصياً إشادات قراء من بلدان مختلفة..
ثم استدركت: بل رجل سياحة وفكر، فقد أضاف للمكتبة الإسلامية عناوين بكر، سبر من خلالها ميادين التاريخ والثقافة والفكر..
وكان له دراسات وبحوث هامة في المجال القرآني كما أن الرؤى القرآنية هي المبدأ في انبثاق الفكرة وتشكيل القناعة لديه مع احاطة واسعة بمعاريض أحاديث أهل البيت (عليهم السلام).
وفي سياحته لايفتأ يبحث في كل زاوية من أي مدينة يزورها او بلد يحل فيه عن رواق لبيع الكتب أو مكتبة عامة أو تخصصية وما شابه ذلك..
هو ليس هاوٍ لجمع الكتب والموسوعات، بل هو صيّاد ماهر لأمهات الأفكار، وربما وجد ضالته في كراس صغير فلم يجحفه حقه من العناية والتأمل ومن ثم الرد..
أما أسلوبه الكتابي فهو من النوع الذي يبرز مفاتن المعاني أكثر من استعراض بريق الألفاظ واستخدام اللغة المغلقة على النخب..
وكشجرة مثمرة تتدلى ليقطف منها الصغير قبل الكبير تتدلى من جديد أغصان كاتبنا المثمرة لتضع بين أيدينا كتابه (السياحة بعقل بصير).
محمد حسن آل إبراهيم
٧ ذو الحجة ١٤٣٩هجرية.