محاضرة الليلة الخامسة من محرم 1441 هـ

أنماط خداع الذات || سماحة الشيخ أمين محفوظ

شبكة مزن الثقافية مسجد الزهراء (عليها السلام) بسيهات
سماحة الشيخ أمين محفوظ
سماحة الشيخ أمين محفوظ

 

قال تعالى (يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ) 


مِن أصعب و أعقد التحديّات أمام الإنسان في مسألة الإدارة والتعامل هي إدارة النفس .. فقد تجد إنساناً يَمتلك القدرة والطاقة والإمكانية بإدارة مجموعة من الأشخاص ، ولديه القدرة بتوجيه موظّفيه إلى ما يريد إنجازه ، ولكن لايمتلك ذات القدرة فيما يرتبط بإدارة ذاته والتعامل مع نفسه.

وإدارة النفس تُمثّل التّحدي الأول أمام الإنسان لِصعوبتها ، بل تمثّل المهمة الأولى أمامه في الحياة.
فمن كان قادرًا على التحرّك في توجيه نفسه فقد فاز و فلح ، ومن خسر في هذا الميدان فلا يفيد نجاحه في سائر الميادين.

فالله -سبحانه و تعالى- أودَع في النّفس البشرية جُملة من العوامل و القوى .. فهناك قِوى تأخذ بِيَد الإنسان لِطريق الصلاح وتُمثّل عامل فوز الإنسان في الحياة.
وهناك قِوى تُمثّل عامل خُسران الإنسان ، وهذا يعتمد على طريقة تعاطي الإنسان مع نفسه.

فَقِسم من الناس قد غلبت عوامل الشّر في أنفسهم حتى أصبحوا ضحايا هذه النفوس وساروا في طريق الخطأ .. ولكن من كان قادرًا على التحكم في أزِمّة نفسه وتوجيهها فهذا هو النجاح الحقيقي.

فيُفترض على الإنسان العاقل تقوية نوازع الخير في نفسه و أن يجعل لها الدور الأكبر ، ولا يُصبح أسيرًا لِنوازع الشر.

و من الأمور و القوى الأساسية الإيجابية في النفس البشرية هي قوّة الضمير التي أودعها الله في نفس الإنسان لكي لا يَطول اِنزلاق الانسان وعثرته ويُصبح بإمكانه تدارك ماهو فيه .. ولكن مشكلة الإنسان هو أن الشيطان يُعينه على هذا وأن النفس الأمّارة بالسوء تُعينه على اِبتكار الحِيَل لِتجاوز هذه القوى ، وهي ما تُسمى بعملية خداع الذات.

فالإنسان يقوم بعملية خداع الذات بصورة رهيبة جدًا .. وهي عملية مُعقّدة ولها وجوه متعددة ، وهناك بعض أنماط خداع الذات التي قد يقع فيها الإنسان ويسعى من خلالها إسكات صوت الضمير في داخله ، منها :-
١) التَسويف في التوبة إلى الله : فَالتسويف يسعى لإسكات نداء الضمير عند اقتراف المعاصي .. وهذا نوع من الخِداع يُمارسه الإنسان مع نفسه ، فَالتسويف يجعل الإنسان أمام إحدى المخاطر التالية :
- تفويته على نفسه فرصة عدم كتابة السيئة في كتابة أعماله.
- الإصابة بضعف العزيمة والإرادة.
- الأجل ، فلا يضمن الإنسان حياته حين تأجيل التوبة.

فالإنسان بِحاجة للمحاسبة و لعملية تنظيف مُستمرة من الأخطاء و السيئات.


٢) إلقاء اللوم على الآخرين والبحث عن المبررات لإقتراف الذنب.

٣) تبرير الإنسان عند قيامه بالأعمال الخاطئة باعتبار غاياته غايات نبيلة : اتخاذ وسائل غير مشروعة للوصول لغايات مشروعة ويعتبر هذه الغايات مُبرّر لقيامه بالعمل الخاطئ.