اقامة مجالس العزاء في زمن كورونا والوباء
قمنا بتوجيه السؤال الآتي إلى آية الله السيد مرتضى الشيرازي: إن البعض من المؤمنين ذهبوا الى الحسينيات ثم قيل بأنهم أصيبوا بكورونا فكيف ذلك؟
فاجاب سماحته بعدة اجوبة ومضمونها باختصار ما يلي :
- أولا:
القاعدة العامة هي قول الله تعالى: (ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا) وقول رسول الله صلى الله عليه وآله: (اعقل وتوكل) من جهة، ومن جهة أخرى قول الله سبحانه (وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) .
فكلاهما معا مطلوبان كجناحي الطائر : العمل بالأسباب الظاهرية زائدا التمسك بحبل الغيب بالدعاء والصدقة والمجالس الحسينية وصلة الرحم والصدقات وغيرها.
- ثانيا:
إن درجات الإيمان واليقين مختلفة، كما أن خلوص النية من الرياء والسمعة عامل مؤثر، فرُبّ حضور في المجالس لا يتاثرون بكورونا أو غيرها ،بينما قد يتاثر آخرون
نظير ما قاله السيد ابن طاووس رحمه الله: إن من شروط الشفاء في التربة الحسينية هو أن لا تستعملها مجرِّباً بل مُوقناً.
ولكن مع ذلك قد يتلطف الله ببعض عباده فيقضي حوائجهم أو يحفظهم من الأمراض والأخطار حتى بدون تسبيبهم الأسباب الطبيعية وبدون استجماع شروط استجابة الدعاء( وهي 25 شرطا) لمصالح هو جلّ جلاله أعرف بها وقد ذكرنا بعضها في كتاب (لماذا لاتستجاب أدعية بعض الناس) ً فراجعوه.
منها: كي لا يُطفأ النور الإلهي
ومنها: أنه قد يكون أجراً على عمل صالح سابق أو إعداداً له ليقوم بعمل صالح لاحق كما قال سبحانه (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ....)الآية.
ومنها: استجابة لدعاء الوالدين أو لدعاء عالمٍ صالحٍ أو مؤمنٍ ساعدته وقضيت حاجته. وغير ذلك
- ثالثا:
إن هناك عاملا آخر إلى جوار عامل الإعجاز هو عامل الامتحان، أي إن الله تعالى جرت حكمته على امتحان خلقه كما قال سبحانه: (لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ ) و قال تعالى : (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ) ولذا أحياناً يحفظ جل اسمه الأنبياء والأئمة عليهم السلام من القتل أو أنواع العدوان بالاعجاز، وأحيانا يخلي بينهم وبين الأسباب الطبيعية ولذا كانوا يُقتلون ويُعذّبون الخ.
وكذلك المجالس الحسينية وغيرها فقد يتدخل الإعجاز الإلهي كما حدث في هذه السنة في عشرة المحرم بكربلاء حيث انخفضت نسبة الاصابات أياما وبقيت أياما اخرى بحالها رغم الحشود الغفيرة المتراصة لا في الحرم فقط بل في عزاء طويريج وغيره رغم توقع كثيرين انفجار الاصابات، وقد لايتدخل الإعجاز كما ربما يدعي البعض في بعض الحسينيات في بعض البلدان.
وكلاهما (التدخل الإعجازي و عدم التدخل لغاية الامتحان) هما من سنن الله تعالى في الكون والمؤمن مسلّم لكليهما.
- رابعا:
هناك عوامل أخرى مضافا إلى الابتلاء أيضا ، مثل عامل المواساة، أو عامل مضاعفة الأجر، أو عامل إحياء أمرهم والشعائر.
وتوضيحه : إن البعض من الذين يمشون على الجمر في عاشوراء لا تحترق أقدامهم بسبب إعجازي كما يشاهد كثيرا، والبعض رُبّما تحترق وذلك ليكون مواسياً لهم عليهم السلام ولكي يحس ويستشعرّ بعض ماجرى على عيال سيدشباب اهل الجنة الحسين عليه السلام إذ أحرقت أرجلَهم حرارةُ الرمضاء وربّما شظايا النيران وبقايا الخيم المحترقة المتناثرة على الارض.
وعلى ذلك فأنت بين احدى الحسنيين: المواساة او الإعجاز ،وأيهما اختاره الله تعالى لك فأنت مقرب اليه.
وكذلك مَن يشترك في مجالس العزاء فله إحدى الحُسنيين: فإمّا الحفظ الاعجازي، وإمّا الأجر الكبير على ما ابتلاه الله به.
وهو مع ذلك يكون قد أحيى أمرهم وشعائرهم بمختلف تجلياتها و قد قال عليه السلام (رحم الله من احيى أمرنا )
ولعل من أصيب يصدق عليه ايضا عنوان المواساة ( خاصة فيمن راعى الشروط فاصيب فرضا).
- خامسا:
صغرويا لايُعلم أن هؤلاء أصيبوا بالكورونا من المجلس أو الحسينية أو المسجد إذ لعلّهم أصيبوا بها في السوق أو من الطعام الذي اشتروه أو من بعض اقربائهم وأصدقائهم، خاصة وأن الفايروس قد يخفي نفسه لأيام معدودة وصاحبه لا يدري، فيُعدي الآخرين وهو لا يدري ثم يذهبون للمسجد او الحسينية مثلا فيتصورن أنهم أصيبوا منها!!
طبعا نحن لا نشجع أحدا على ترك الاحتياط إذ الناس مختلفون ولذا يستحسن إحياء المجالس في الحسينيات وصلوات الجماعة في المساجدمع اتخاذ الاحتياطات التي يرشد اليها مشهور الخبراء من الاطباء