شهر رمضان والتغيير الإيجابي

 

قال تعالى: ( شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) البقرة/185

- ما هو برنامجك في شهر رمضان؟ 

- هل قررت أن تغير عادة أو سلوكًا معينًا ؟ 

إذا أردت أن تربح شهر رمضان فعليك أن تفكر في برمجة هذا الشهر وليكن شهر تغيير إيجابي، لأنه شهر مبارك، ولأنه شهر ضيافة ربانية وهذا يعني أنك تعيش أجواء تتسم بالروحانية، بالمغفرة، الأجواء المحيطة بك هي أجواء تؤهلك لإعادة بناء ذاتك، لإعادة شحنك بالطاقة الروحانية والإيجابية إن أنت أحسنت استثمار هذا الشهر. 

وإليكم هذه المفردات في التغيير الإيجابي: 

  • المحيط الإيجابي 

عندما يكون المحيط بك منشغلاً بالتغيير والإيجابية فإنك بلا شك ستتأثر به، وهكذا شهر رمضان يتفاعل الجميع مع أجواءه برغبة ذاتية، دون إجبار أو ضغوط خارجية، بل تجدهم يمارسون أعمالهم العبادية طواعية، وهذا ما نجده في مجالس الذكر الحكيم وقد ورد عن رسول الله(صلى الله عليه وآله): ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده (1).

وهكذا نعي أن أجواء شهر رمضان تؤسس لنمط اجتماعي إيجابي، ينعكس على جميع أفراد المجتمع.   

  • المحفزات 

قال رسول الله : أيهّا النّاس : مَن فطَّر منكم صائماً مؤمناً في هذا الشّهر كانَ لَهُ بذلِكَ عِندَ الله عتق رقبة ومغفرة لما مضى مِن ذنوبهِ.(2) 
يتميز هذا الشهر بمضاعفات الأجر والثواب، وهذا نوع من التحفيز على عمل الخيرات في هذا الشهر، مهما كان العمل صغيرًا إلا أن الأجر مضاعف، ولذا حريٌ بالإنسان أن يكثر من عمل الخيرات في هذا الشهر. 

  • التكرار لبناء العادات 

يتميز شهر رمضان بتكرار الأعمال: الأدعية، قراءة القرآن، والصلوات وغيرها، وذلك بهدف ترسيخ هذه العادات الإيجابية، وكما يقول المختصون أن الإنسان يحتاج من 6 إلى 21 يومًا ليعتاد على سلوك جديد.. فما بالك والعادات الجديدة في رمضان نكررها من 29 إلى 30 يومًا..

أضف إلى هذا إضافة عادات جديدة في برنامجك اليومي: تخصيص وقت للقراءة، تخصيص وقت لاستماع محاضرات دينية أو ثقافية أو في مجال تخصصك. 

روي عن الإمام علي أنه قال: عليكم في شهر رمضان بكثرة الاستغفار والدعاء، فأما الدعاء فيدفع عنكم البلاء، وأما الاستغفار فيمحي ذنوبكم"(3) .

  • شهر النشاط والفاعلية 

شهر رمضان هو ليس شهر النوم والكسل والخمول، وهو ليس شهر السهر واللهو، وإنما هو شهر الانجاز والهمة والنشاط والحيوية. 

وكما جاء في أدعية شهر رمضان: اَللّـهُمَّ صَلّ عَلى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد، واَذْهِبْ عَنّي فيهِ النُّعاسَ وَالْكَسَلَ وَالسَّامَةَ وَالْفَتْرَةَ وَالْقَسْوَةَ وَالْغَفْلَةَ وَالْغِرَّةَ،..اَللّـهُمَّ صَلّ عَلى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد، وَارْزُقْنا في شَهْرِنا هذَا الْجِدَّ وَالاجْتِهادَ، والْقُوَّةَ وَالنَّشاطَ، وَما تُحِبُّ وَتَرْضى،(4) 

لذلك اجعل شعارك دائمًا المثابرة والاستمرار في أداء أعمال شهر رمضان، قاوم التعب من خلال الغذاء الصحي وممارسة الرياضة في الأوقات المناسبة لصحتك. وابتعد عن السهر فهو أحد لصوص النشاط والفاعلية في اليوم الآخر. 

  • لا للروتين 

الإمام الصادق : "لا يكون يوم صومك كيوم فطرك "(5).

قد تبدو كلمة "الروتين" في حد ذاتها للوهلة الأولى كلمة باعثة على الملل والرتابة، ومن ثم يتوقف عطاء الإنسان.

لذا كان لابد من كسر الروتين والخروج من هذه الرتابة لأن الحياة تتغير، وتحتاج إلى نشاط وحيوية للاستمرار بها. وكذلك الإنسان بطبيعته يحتاج إلى التجديد والتغيير ،ولذا تجد الناجحين هم الذين يجددون يومهم ويبتكرون أعمالاً مختلفة عن اليوم السابق ليكون يومهم يوماً مميزاً. 

  • التطلع لبناء إنسان جديد

يقول الرسول الأكرم : " فسلوا الله ربّكم بنيّات صادقة، وقلُوب طاهرة أن يوفّقكم لصيامه، وتلاوة كتابه، فإنّ الشّقي من حرم غفران الله في هذا الشّهر العظيم"(6)  

عليك أن تتوجه في هذا الشهر العظيم بكل كيانك وتدعو الله بخالص النية وبقلب طاهر وتكون ممن يصوم هذا الشهر ويقرأ القرآن ليفوز بالمغفرة والرحمة، ويتخرج من هذا الشهر (إنسان آخر) إنسان طاهر نقي، قد تخلص من تلك الأحمال والأوزار.

وهكذا يتطلع المؤمنون أن تشملهم رحمة الله، وأن يفوزوا بمغفرته ورضوانه، ومن لم يجتهد في هذا الشهر لنيل هذا المرتبة فسيكون من الخاسرين. 

  • الصبر وقوة الإرادة  

ورد عن الإمام الصادق - في قوله تعالى: (واستعينوا بالصبر...)-: يعني بالصبر الصوم، إذا نزلت بالرجل النازلة والشدة فليصم، فإن الله عز وجل يقول: (واستعينوا بالصبر) * يعني الصيام (7).

لعل من أعظم دروس الصيام هي أن يتعلم الإنسان (خُلق الصبر) فيكون صابراً على الطاعة، منضبطاً انضباطاً تاماً في سلوكه وتعامله مع الآخرين. فلا يغضب لأتفه الأسباب، بل تجده صابراً في أداء عمله حتى النهاية، وهكذا تنطبق عليه الآية : "إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ" الزمر/10


 

1 ) ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج ٣ - الصفحة ٢٥٢٢
2 ) مفاتيح الجنان ص 201
3 ) الكافي: ج4 ص 88 ح 7
4 ) مفاتيح الجنان
5 ) ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج ٢ - الصفحة ١٦٨٨
6 ) مفاتيح الجنان
7 ) ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج ٢ - الصفحة ١٥٦١
أخصائي التغذية العلاجية