حوارية رقم (٦٥)

رواية (وانفصمت العروة الوثقى تخالف قول الله تعالى في قوله في آية الكرسي.

جرى حوار على خلفية بوستر أنزلته بمناسبة استشهاد أمير المؤمنين  وكتب فيه  تهدمت والله أركان الهدى..، وتهدمت روح العاشق والتقى، وتهدمت القيم العظمى والمثل العليا وغابت شمس المعرفة وكسرت راية الهدى بضربة سيد التقى وذوي النهى وكلمة الله العليا أمير المؤمنين علي عليه السلام. 

  • هنا علق أحد المتابعين بقوله 

السائل: 

 بهذه التضحيات تبنى العقيدة وتظهر الحقيقة والحقيقة رايتها عالياً. الانكسار فقط يعني أن الباطل يعلو على الحق ، و قتل الأنبياء و المرسلين و الشهداء و الصالحين لا يعني الظلمة ، بل يتجلى التسليم لله تعالى ، من خلال خاتمة مسيرة الثورة ،. بإصلاحها، إصلاحها، إصلاحها.. الحلقة العامة، حلقة الجهاد في مقارعة الباطل ، لحظة الشهادة هي الذروة ،. لأنه يظهر العزة الحقيقية للإسلام الحقيقي تجسيد له. مشاعرك صادقة لكن الكلام غير مقبول ، و عظم الله أجوركم يا مؤمنين . 

الجواب:

 أشكر مداخلتك عزيزي لكن يبدو أن هناك اشتباه سأوضحه لك .

المقال مستفاد من رواية حينما سمع صوت ما بين السماء والأرض على لسان جبرائيل عليه السلام  (قال الراوي: فاصطفقت أبواب الجامع، وضجت الملائكة في السماء بالدعاء، وهبت ريح عاصف سوداء مظلمة، ونادى جبرئيل عليه السلام بين السماء والأرض بصوت يسمعه كل مستيقظ: " تهدمت والله أركان الهدى، وانطمست والله نجوم السماء و أعلام التقى، وانفصمت والله العروة الوثقى، قتل ابن عم محمد المصطفى، قتل الوصي المجتبى، قتل علي المرتضى، قتل والله سيد الأوصياء، قتله أشقى الأشقياء ) ١.

فالكلام على عظم الجريمة بلسان المفجوع المكلوم الموجوع بفقد ومصاب مولانا امير المؤمنين عليه السلام.  

السائل:

الرواية تحتاج إلى تحقيق، لأن هذه المواقف هي ذروة العطاء، وفيها تتجلى أعز لحظات الإيمان وجبريل عليه السلام ليس من الفاقدين لأمير المؤمنين عليه السلام .

يستاهل أبو الحسن سلام الله عليه، سؤال ، الإجابة مختصرة بكلمة فقط ، هل انفصمت العروة الوثقى معه سلام الله عليه؟

الجواب: 

نعم انفصمت لا بلاحظ أن العروة كلية بما في يد الله سبحانه بل لأنها متعلقة بوجود حجة على خلقه كأمير المؤمنين عليه السلام إذ أن المخاطب من هذا النداء هم من كان حول أمير المؤمنين عليه السلام وكيف أنهم لم يقدروا هذه النعمة العظيمة التي كانوا ينعمون بها في حياته عليه السلام وهذا لا ينفي أبداً وجود الحجة من بعده هو الحسن وأخيه الحسين عليهما السلام كما نصت بعض الروايات الشريفة كما أنوه أن هناك مستثنيات لبعض الأئمة الأطهار لا تنفي فضل أحدهم على بعض ولكن هي الأدوار التي يمتاز بها كل واحد لتكميل توحيد الله في أرضه وسمائه مثال 
قد روي عن زيد الشحام قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أيما أفضل: الحسن أم الحسين (عليهما السلام)؟

فقال (عليه السلام): إن فضل أولنا يلحق بفضل آخرنا وفضل آخرنا يلحق بفضل أولنا، فكل له فضل.

قلت: جعلت فداك! وسع علي في الجواب فإني والله ما سألتك إلا مرتادا.

فقال (عليه السلام): نحن من شجرة طيبة، برأنا الله من طينة واحدة، فضلنا من الله، وعلمنا من عند الله، ونحن أمناؤه على خلقه، والدعاة إلى دينه، والحجاب فيما بينه وبين خلقه.

أزيدك يا زيد؟

قلت: نعم.

فقال (عليه السلام): خلقنا واحد، وعلمنا واحد، وفضلنا واحد، وكلنا واحد عند الله - عز وجل) ٢  انتهى .

وكلهم مظهر لتجلي الله في أسمائه وصفاته وكلهم حجج الله على أرضه وخلفاؤه على بريته

السائل:

ولكن هذه الرواية تخالف كلام الله تعالى حين قال 

( وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ )لقمان .

للأسف الشديد. 

الجواب: 

حاول أن تفهم الرواية هكذا : انفصمت العروة الوثقى باستشهادك ، كنت يا أمير المؤمنين تمثل منابر الهداية فحين استشهدت (انفصمت العروة الوثقى) هذا العنوان لأمير المؤمنين عليه السلام . 

وبعبارة أخرى من أحد المختصين وهو الشيخ أحمد الجعفري وهو يجب على تفسير كلام جبرائيل عليه السلام 

يقول :  انفصمت لا ببعدها الحقيقي بل ببعدها المعنوي فالانفصام الذي حصل من النداء من جبرائيل عليه السلام إنما حصل بتخاذل الإمة عن نصرة المولى علي عليه السلام وعدم الركون إليه فكل من يدافع ولا يحتجب ويناصر علي عليه السلام لا عروة له أمام الحق سبحانه وتعالى فكلمة ( لا انفصام لها بولاية علي أبن أبي طالب ) لماذا؟ لأن الله سبحانه يقول 

(....أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا...(٣))المائدة . فقد أكمل الدين بولاية علي أبن أبي طالب فمن أنكر ولايته لا عروة له يوم القيامة والعروة عنده مفصومة فقول جبرائيل عليه السلام على أساس من ترك الولاية وخذل ولم يدافع عن أمير المؤمنين عليه السلام . أنتهى 

السائل : 

اقرأ معي آية الكرسي .

قد استشهد رسول الله  ...تذكر كلام الله تعالى يقول : لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمن يَكْفُرْ بِالطَّاغوتِ وَيُؤْمِنْ بالله فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بالعروة الوثقى لا انفصام لها ) أليس النبي الأعظم محمد صلى الله عليه وآله هو العروة الوثقى ؟ 

الجواب : 

لا يوجد منافاة، فإن من المسلم أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أفضل الخلق قاطبة ولكن لا يمنع من وجود مختصات لكل إمام لا تنافي أفضلية النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم وقد بينا في الرواية السابقة ذلك أن لا فرق جوهريا بين حجج الله سبحانه ولكن لا يمنع من وجود بعض المستثنيات وهذه لا تضر في المكانة ولا تقلل من شأنها عند الله سبحانه. وخذ دليلاً من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: أعطيت ثلاثا وعلي مشاركي فيها، وأعطي علي ثلاثا ولم أشاركه فيها، فقيل له: يا رسول الله وما هذه الثلاث التي شاركك فيها علي عليه السلام؟ قال: لي لواء الحمد وعلي حامله، والكوثر لي وعلي ساقيه، ولي الجنة والنار وعلي قسيمهما، وأما الثلاث التي أعطيها علي ولم أشاركه فيها فإنه أعطي ابن عم مثلي ولم أعط مثله، وأعطي زوجته فاطمة ولم أعط مثلها، وأعطي ولديه الحسن والحسين ولم أعط مثلهما .  ٣
فلا يسرح خيالك في تفسير آية دون الرجوع لأهل التخصص فقد ورد عنهم عليهم السلام  عن جابر، قال: دخلنا على أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام ونحن جماعة بعد ما قضينا نسكنا فودعناه وقلنا له: أوصنا يا ابن رسول الله، 

(فقال: ليعن قويكم ضعيفكم، وليعطف غنيكم على فقيركم، ولينصح الرجل أخاه كنصحه لنفسه، واكتموا أسرارنا، ولا تحملوا الناس على أعناقنا، وانظروا أمرنا وما جاءكم عنا، فإن وجدتموه للقرآن موافقا فخذوا به، وإن لم تجدوه موافقا فردوه، وإن اشتبه الأمر عليكم فقفوا عنده، وردوه إلينا حتى نشرح لكم من ذلك ما شرح لنا،.. )٤ 

السائل :

و لكن دعنا في قضية العروة الوثقى التي لا انفصام لها ، و التي ذكرها تعالى في كتابه الكريم ، ما معناها و كيف تنفصم بعد ضرب أمير المؤمنين عليه السلام؟

الجواب : 

 يظهر أنك تعتقد الكلمة الواردة في آية الكرسي ( فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها) أن العروة الوثقى أمر واقعي أو حقيقي ليس له قيد أو شرط  فارجع إلى الآيات ستكتشف معناها وسأرجعك بكلمات في الآية كي يتضح معناها عندك من أهل الاختصاص مثل العلامة الطباطبائي قدس سره صاحب كتاب الميزان 

قال تعالى ( لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله) لاحظ هذا الشرط في الآية العروة الوثقى معناها هنا من كفر بالطاغوت وآمن بالله ما هو جزاؤه فقد تمسك بالعروة الوثقى أي تمسك بعروة الحق والهداية وإذا لم يتمسك ضل وهلك نكمل الآية:  ( فقد استمسك بالعروة الوثقى لاانفصام لها والله سميع عليم) أحتمل أنها وضحت عندك فحين يقول جبرائيل بلسان المفجوع بمصاب أمير المؤمنين عليه السلام : وانفصمت العروة الوثقى أي راية الهدى التي كانت تظلل الناس وتهديهم من الظلمات إلى النور انفصمت أي انقطعت باستشهاده عليه السلام لكثير من الناس لأن الفتن من بعده كما أشار هو سلام الله عليه ( أقبلت عليكم الفتن كقطع الليل المظلم) فمهما كان هناك معاندون لأمير المؤمنين عليه السلام إلا أنهم لا يشكون في إيمانه وسبقه للإسلام وعلمه وقربه من رسول الله وهذا مالا يوجد في غيره في بقية الأئمة عليهم السلام بحسب الظاهر العام بسبب التضليل الذي بناه من سبقه ومن بعده .

فلا يعتقد كثير من الناس أن الحسنين عليهما السلام العروة الوثقى التي يجب التمسك بها بعد أمير المؤمنين عليه السلام.. أتمنى أن يكون كلامي واضح... انظر مايقوله السيد الطباطبائي في تفسير هذه الآية ويوافقه كثير من المفسرين (والكلام أعني قوله: فقد استمسك بالعروة الوثقى، موضوع على الاستعارة للدلالة على أن الإيمان بالنسبة إلى السعادة بمنزلة عروة الإناء بالنسبة إلى الإناء وما فيه، فكما لا يكون الأخذ أخذا مطمئنا حتى يقبض على العروة كذلك السعادة الحقيقية لا يستقر أمرها ولا يرجى نيلها إلا أن يؤمن الانسان بالله ويكفر بالطاغوت.)٥  انتهى .

السائل : 

لا أعتقد أن العروة الوثقى تنفصل بأي حال لوجود أهل البيت عليهم السلام وواحد يكمل الآخر وأعتقد أن الرواية غير صحيحة التي استشهدت بها سمح لي .

الجواب : 

أخي الكريم نحن في معرض عرض الأدلة فاعتقادك وإن كان حسناً في حد ذاته ولكن ليس من المقبول أن نستعمل اعتقادنا في قبال أهل التخصص وهب أن هذه الرواية فعلاً صادرة من المعصوم بلا شك ولا شبه ماذا تقول ؟ 

السائل : 

لا أدري ! 

الجواب : 

إذن أخي الكريم في مثل هذه الحالة أعطانا أهل البيت ضابطة وهي كما وردت في الحديث السابق الذي رواه جابر (وإن اشتبه الأمر عليكم فقفوا عنده، وردوه إلينا حتى نشرح لكم من ذلك ما شرح لنا) . وقل لا أعلم وأتوقف عن التحليل والتأويل والسلام. 

السائل: 

على كل حال أشكرك لسعة صدرك وتحملك تساؤلاتي والسلام عليكم ورحمة الله .

الجواب: 

وعليكم سلام الله ورحمته وبركاته.

(1) بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٤٢ - الصفحة ٢٨٢
(2) المحتضر - حسن بن سليمان الحلي - الصفحة ٢٧٧
(3) بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣٩ - الصفحة ٩٠ .
(4) بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢ - الصفحة ٢٣٦
(5) تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٢ - الصفحة ٣٤٤