محاضرة الليلة الثامنة من محرم 1444 هـ

تعزيز المناعة الذاتية في العلاقات الزوجية || سماحة الشيخ أمين محفوظ

 سماحة الشيخ أمين محفوظ
سماحة الشيخ أمين محفوظ


قال تعالى : (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)


يعيش الإنسان في هذه الحياة حالًا من التوتّر والاضطراب الذي لا يَسكن و لا يهدأ إلا من خلال الزواج .. و تُشير الآية المباركة ما للزواج من خاصيّة السكن و الاستقرار والطمأنينة ، و تُشير إلى أن الإنسان لم يُخلَق مُنفردًا و إنما خلق الله هذا الكون على أساس نِظام الزوجية.
فالإنسان يعيش نوعًا من عدم الاستقرار النفسي ولا يشعر بِحالة الاطمئنان و سكون الغرائز إلا من خلال هذا الارتباط الذي يُحققه الزواج. 

و هيّأ الله الأسباب التكوينية من الناحية الجسدية والنفسية كي يصل هذا الارتباط و الاقتران إلى حالٍ من الانسجام المثالي بين الطرفين ، و وجود هذه الرغبة الغريزية في كُلٍّ من الرجل والمرأة التي تقودهما للاقتران هو جزء من هذه العوامل التكوينية و الداخلية لتكوين الأسرة .. فالبداية تنشأ مِن وجود هذه الحاجة المشتركة للاقتران و الزواج بين الطرفين و بالتالي تلبية الحاجات المادية ثم تتطور هذه العلاقة حتى تصل لِمستوى من الحُب العميق الذي يتجاوز مسألة الحاجات المادية إلى مسألة العلاقة الروحية .. فَتتحوّل العلاقة من مرحلة المودّة إلى مرحلة الرحمة التي يُقدّم فيها كل طَرفٍ منهما للآخر حالة من العطاء و التضحية ،
و يُصبح كُل طَرف يتعامل مع الطرف الآخر بالعطاء و الإيثار.

ومن مسؤولية الطرفين أن يُحافظا على هذه العلاقة ومستوى تطويرها وتنميَتها و صونها من الأخطار، وهو هَمٌّ ينبغي أن يعيشه الطرفان وهي مسؤولية مشتركة و يجب على كل طرف أن يعتني بتطوير هذه العلاقة من خلال الكثير من الوسائل في مُقدّمتها قضيّة التودد ، و هي أن يتودّد كل طرف للآخر ، فَفيه نوعٌ من التحريض لتوثيق هذه العلاقة.

ونلاحظ وجود بعض الحالات الزوجية التي بها قُصور و ضُعف في هذا الجانب.

كما يُعدّ الصبر على الطرف الآخر من أشكال صيانة العلاقة والحفاظ عليها أيضًا.


من المهم جدًا أن يضع كُل طَرَف في باله أن هناك بعض الأمور التي تُحقّق حالةً مِن المناعة في العلاقات الزوجية ، لكي لا تفتِك بها الخلافات و تتفاقم ولا تؤدي لإحداث شرخ كبير فيها ، ومن هذه العناصر مايلي :

١- حُسن الظن : فَعِند انعدام الثقة تُصبح الأذهان مَرتعًا لسوء الظن و الشكوك التي تخلق الكثير من المشاكل ، فمن المهم العِناية بِترسيخ حُسن الظن و تعميق الثقة بين الطرفين .. فلا يسمح الإنسان للظنون السيئة أن تجتاحه ، و يحمل الطرف الآخر على المحمل الحَسن ولا يُسارع في التفسيرات السلبية ، كما عليه مصارحة الشخص الآخر حينما تعتريه بعض الشكوك و المخاوف .. كما مِن المهم على جميع الأطراف بأن تجعل تركيزها على نيّة الطرف الآخر وليس على فعله أو قوله ، فَبعض الأحيان تصدر بعض الأقوال والأفعال غير المحسوبة من الأطراف بسبب بعض تراكم الضغوط أو غيرها من الأسباب الأخرى.

٢- الحفاظ على خصوصية العلاقة الأسرية : فالخصوصية عنصر جوهري للحفاظ على العلاقات الزوجية ، و أيّ نوع من التفريط في هذه الخصوصية يُؤدّي إلى دمار كبير و يُعرّض الأسرة إلى أخطار فتّاكة و حقيقية ، والتفريط في هذه الخصوصية مرفوض سواء في حال اِستقرار العلاقة أو في حال وجود المشاكل. فالأمر في مبدئه مرفوض ، فهي علاقة خاصة لا ينبغي لكل طرف أن يأذِن لِنفسه أن يتحدث بهذه العلاقة الخاصة مع الآخرين ، والحفاظ على الخصوصية بينهما له منافع كبيرة منها :

• يُعلّم الزوجين كيفية علاج مشاكلهما بأنفسهما.
• أن التفريط بالخصوصية سبب في تطوير الخلافات بسبب تدخل الأطراف الأخرى كالأهل.

 

لمشاهدة المحاضرة كاملة