شهر السعادة
رأيته مبتسماً مشرقاً بعكس الكثير من الناس الذين ما إن يطل عليهم شهر رمضان حتى تختفي البسمة من وجوههم، وتبدو عليهم ملامح الغضب..
سألته ما سبب سعادتك في شهر رمضان؟!
أجابني: أيها الصديق العزيز هناك العديد من الأعمال التي تخلق السعادة في نفس الإنسان أذكر لك بعضها:
- الإخلاص لله
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "فاسألوا الله ربكم بنيات صادقة وقلوب طاهرة"
قال الإمام علي (عليه السلام): فرض الله... الصيام ابتلاء لإخلاص الخلق (1).
يقول احد المفكرين "الصوم هو منبع الإخلاص، وسبب الخلاص، وعبادة المخلصين".
وإذا قوي الإخلاص للهوحده في الأعمال ارتفع صاحبه إلى أعالي الدرجات، كما رُوِيَ عَنْ الإمام عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عليه السَّلام) أنهُ قَالَ: السَّعيدُ مَن أخلَصَ الطّاعَةَ (2).
لذلك فأخلص جميع أعمالك له سبحانه ولا تتطلع لأحد، وأدخل نفسك في قوله تعالى: ﴿قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ﴾ [الأنعام: ١٦٢ - ١٦٣].
- الأخلاق سعادة
قال رسول الله صلّى الله عليه وآله :" أَيُّهَا النَّاسُ مَنْ حَسَّنَ مِنْكُمْ فِي هَذَا الشَّهْرِ خُلُقَهُ كَانَ لَهُ جَوَازاً عَلَى الصِّرَاطِ يَوْمَ تَزِلُّ فِيهِ الْأَقْدَامُ". لابد أن يقترن الصيام بحسن الخلق، فيكون الصائم متواضعاً محباً للأخرين، حليماً كريماً، بشوشاً صادقاً، ولا شك أن التمسك بهذه الأخلاق الحسنة ستفتح أبواب السعادة أمام الإنسان، فـ "من سعادة المرء حسن الخُلق، ومن شقاوته سوء الخُلق" (3)كما ورد عن رسول الله صلّى الله عليه وآله.
والأخلاق الفاضلة هي بوابة النجاح التي ينبغي أن يعززها في ذاته يقول الإمام علي (عليه السلام): لو كنا لا نرجو جنة، ولا نخشى نارا ولا ثوابا ولا عقابا لكان ينبغي لنا أن نطلب مكارم الأخلاق، فإنها مما تدل على سبيل النجاح (4).
- فن التأمل الذاتي
رُوِيَ عَنْ الإمام عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عليه السَّلام) أنهُ قَالَ: مَن أجهَدَ نَفسَهُ في إصلاحِها سَعِدَ ، مَن أهمَلَ نفسَهُ في لَذّاتِها شَقِيَ و بَعُدَ (5).
يمكن أن يساعدنا الصوم في ممارسة التأمل الذاتي. فعند الامتناع عن الأكل أو الشرب، تتحول أذهاننا إلى التركيز على فعل حقيقة الصيام وفلسفته.
كما يسمح التأمل الذاتي بفهم عميق لحقيقة أنفسنا. كما يسمح لنا بتحليل مشاكلنا بطريقة بناءة أكثر.
لذلك يمكنك البدء في التفكير الذاتي من خلال تخصيص وقتاً مناسباً للتواصل مع نفسك الداخلية والتفكير في أفعالك وسلوكياتك.
حينها سيكون سلوكك وتفكيراً إيجابياً ومن ثم تزاد مستويات السعادة لديك.
- طهر قلبك .. تسعد
رُوِيَ عَنْ الإمام عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ( عليه السَّلام ) أنهُ قَالَ : خُلُوُّ الصَّدرِ مِنَ الغِلِّ و الحَسَدِ مِن سَعادَةِ العَبدِ (6).
الصوم هو طهارة لقلوبنا وصفاء لأنفسنا ونقاء لضمائرنا، لذا لكي تكون سعيداً عليك أن تطهر قلبك من الأغلال الأحقاد والضغائن والكراهية، وأن تُخرج من قلبك كل المشاعر التي تخدش طهارته وتُسيء إلى نقائه.
كن من الذين ذكرهم ربنا بقوله: ﴿وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [الحشر: 10].
- السعادة في الأعمال التطوعية
رُوِيَ عَنْ الإمام عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عليه السَّلام) أنهُ قَالَ: مِنَ السَّعادَةِ، التَّوفيقُ لِصالِحِ الأعمالِ (7).
شهر رمضان هو شهر العطاء، شهر الأعمال الصالح، ومن يوفق لهذه الأعمال فإنه يشعر بلذة العمل وتنعكس السعادة على مشاعره.
ومن صور العمل التطوعي: تقديم مبالغ شهرية للأيتام وذوي الاحتياجات الخاصة. وكما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "وَتَحَنَّنُوا عَلَى أَيْتَامِ النَّاسِ يُتَحَنَّنْ عَلَى أَيْتَامِكُمْ"