الصلاة بغير إقامة وكلام المعصوم عليه السلام!
إقترب إليّ بعد انتهائي من صلاة الزيارة .. سألني عن صلاته وقد صلّاها بغير إقامة!
بيّنت له حكمها، وهو "الصحة"، فلا تجب الإقامة للصلاة بل تستحب مؤكداً، ولكن لا تبطل الصلاة بتركها.
سحب السؤال ذاته إلى الأذان أيضاً.. وكانت اجابتي نفسها.
قبل أن ينتهي الحوار؛ قلت له، يا هذا.. صحيحٌ أنهما مندوبان، ولكن اسمح لي أن اخبرك بروايةٍ عن أهل البيت عليهم السلام و "إنت بكيفك"!
ذكرت له قول المعصوم عليه السلام: " مَنْ صَلَّى بِأَذَانٍ وَ إِقَامَةٍ صَلَّى خَلْفَهُ صَفَّانِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَ مَنْ صَلَّى بِإِقَامَةٍ بِغَيْرِ أَذَانٍ صَلَّى خَلْفَهُ صَفٌّ وَاحِدٌ وَ حَدُّ الصَّفِ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ" .
طول الصف الواحد غيّر ملامح الرجل.. برقٌ في عينه، وبسمةٌ خفيفةٌ على شفتيه، وعبارة "صارح واضح" التي كررها أكثر من مرّة..
أحسست من ذلك، أن الرجل قد عزم على أن لا يترك الأذان والإقامة ما حييَ، لكيلا يضيع أجراً عظيماً كهذا.
حملني هذا الموقف على التفكير.. كيف أن ساعاتٍ من النقاش، لن تأتي بثمرة كلمةٍ واحدة من كلمات أهل البيت عليهم السلام، فنور كلماتهم يخترق الحجب، وينفذ إلى شغاف قلوب المؤمنين..
يصحح ما زلّ من تفكيرهم، ويقوّم ما اعوجّ من سلوكهم، ويحملهم على صالح الأعمال وطيّب الأخلاق..
حقّاً إن لكلماتهم أثراً ليس لغيرها "فَإِنَّ النَّاسَ لَوْ عَلِمُوا مَحَاسِنَ كَلَامِنَا لَاتَّبَعُونَا" كما يقول الإمام الرضا عليه السلام.
وهنا أوجّه كلمةً إلى إخوتي الشباب: إجعلوا مطالعة أخبار وآثار أهل بيت نبيّكم، جزءاً من برامج حياتكم اليومية..
فبها تسموا المعارف، وتزكوا القلوب، وتصلح الأعمال.
ولست هنا بصدد الدعوة إلى مطالعة أحاديث الأحكام المبيّنة للواجب والحرام _ لتوقّفه على مقدمات علمية تخصصية_؛
بل بصدد الدعوة إلى مطالعة حِكَمهم عليهم السلام، وسيرتهم العلمية، وكلماتهم في محاسن الآخلاق والآداب والسنن..
فإن كل ذلك سوف يُحدث تغييراً عظيماً في شخصية قارئها والمتأمل فيها.