صدر حديثاً كتاب
السباحة عكس التيار 2.0 للسيد محسن المدرسي
السباحة عكس التيار 2.0
يظن الجميع أنَّه منيعٌ أمام اغواءات العقل الجمعي، وتأثير الحشد، وتفكير القطيع.. وحتى أكثر الناس تأثراً يرى أنَّ رأيه انما هو نتاج بُناةِ أفكاره، وهو المؤثر على الاخرين لا العكس!
وهنا تكمن الخطورة بالتحديد.
ثم يأتي خطورة التطوّر! فحتى لو كنت محصَّنا عن التأثر "امس" فلا ضمان في "الغد"
ففي هذا العالم حيث يتطوَّر كل شيء، تتطور ايضاً وسائل التزييف، والخُداع، والتأثير الخفي،
فقديماً قيل، إنَّ الفاصلة بين الحق والباطل هي أربع أصابع، فما تراه بعينك حق، وما تسمعه بأذنك باطل؛ أما اليوم حيث أدوات التزييف المختلفة، وحيث القدرة على صناعة الصور، وتركيبها، خصوصاً بعد دخول الذكاء الصناعي مجال التزييف، فلا يمكن الاعتماد على ما يراه الانسان بعينه ايضاً، فلذلك تحوَّلت الحكمة السابقة إلى: ( لا تصدِّق كل ما تسمع، ونصف ما ترى! )
ففي هذا العالم، أنت في صراعٍ دائم مع التزييف، والتضليل، والتجهيل.. وكأي معركة مصيرية، يطوِّر كل طرفٍ فيها أساليبه وأدواته باستمرار.. فما يقوم بالتضليل بشرٌ يستعين بأحدث النظريات العلمية في تحليل طبيعة تفكير البشر، وآلية قبوله بالأفكار أو ردِّها، فهو قادر على استغلال ذلك لإقناعك بأنَّ ما يقدِّمه لك يمثِّل الحقيقة كلها.
وكلما طورَّت من آلية تفكيرك، طوَّر هو من آلية التزييف.. تماماً كما يطوِّر العسكريون أسلحةً لتحييد أسلحة العدو، فيطوِّر العدو سلاحاً لتحييد ذلك السلاح، فيطوِّرون هم بدورهم سلاحاً لتحييد السلاح الذي يحيِّد ما اخترعوه لتحييد سلاح العدو! وهكذا إلى ما لا نهاية.
ومن هنا، وبعد خمسة سنواتٍ على صدور كتابي "السباحة عكس التيار" وجدت الحاجة الى تطويره، أي الحديث عن مساحاتٍ جديدة لابد من التحصُّن ضدها، و وسائل حديثة يتم التأثير من خلالها على أفكارنا، وتلقيمنا وعياً معلَّباً جاهزاً، نقف أمام أكبر مصالحنا أهمية.
فكانت النسخة المزيَّدة من كتاب "السباحة عكس التيار" وقد أضفتُ عليها مجموعة من الإضافات التي اجدها هامة، هذا مع إضافة بعض الهوامش والشروح الضرورية.. ويبقى الكتاب رغم زيادته في عدد الصفحات، كتاباً شبابياً، يهدف إلى تحصين شبابنا في هذا العالم المتلاطم، لأن الوعي أصلٌ في صناعة الانسانِ السليم.
ومن أهم الإضافات في هذه النسخة، فصل "صراع السرديات" والذي أخذ منّي مقداراً مناسباً من الوقت والجهد، خصوصاً لتوضيح الأمثلة المذكورة، وكذلك فصل عن "التجهيل وأساليبه"
أسأل الله أن يكون الكتاب مفيداً لمن يقرأه، وأن يتقبل هذا القليل، فهو من وراء القصد.