ومضات قرآنية (5)

شبكة مزن الثقافية محمد حسن يوسف

﴿قَالَ رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ

في الآية الكريمة وما سبقها وما تبعها يصف حال وعناد بني إسرائيل مع النبي موسى عليه السلام ما قبل التيه، وفي هذه الآية يثني رب العالمين على اثنين من بني إسرائيل وبحسب الأخبار هما يوشع بن نون وكالب بن يافنا والله العالم. الملفت في الآيات الكريمات أن الله لم يوصم المعاندين منهم بالخوف لما رفضوا الانصياع لأمر الله في دخول الأرض المقدسة بسبب وجود القوم الجبارين (العماليق) ولكنه أثنى على الممتثلين لأمره الذين كانوا في قمة الشجاعة ووصفهم بأنهم (يخافون) وعدم إيراد مسبب الخوف هنا من بلاغة القرآن الكريم يفهم من تتمة الآية الكريمة.

المفهوم الضدي للصفات قد يجتمع في الإنسان دون أن يؤثر في ميزان ذلك الإنسان وذلك بحسب موقع تلك الصفة فالخوف من الله يعادله الشجاعة في مواجهة أعدائه، وورد في آية أخرى (أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ) وهذا تلازم لا يؤدي إلى التناقض كما يفهم. الخوف من الله وحده هو اللبنة الأساسية في بناء السلوك السليم للإنسان المؤمن وعليه تقوم سمات الشجاعة والرحمة والحزم واللين بما يضع الجاهل في موضع حيرة مما يحمله هذا المؤمن وأبرز مثال لذلك هو أمير المؤمنين عليه السلام حتى قيل فيه :

جمعت في صفاتك الأضداد / ولذا عزت لك الأنداد.

(إِلهِي، كَفَانِي فخْراً أَنْ تَكُونَ لِي رَبّاً، وكفَانِي عِزّاً أَنْ أَكُونَ لَكَ عَبْداً، أَنْتَ كَما أُرِيدُ؛ فاجْعَلْنِي كَما تُرِيدُ) 

محمد حسن يوسف
٥ رمضان ١٤٤٦