حاشية تقليدية على متنٍ مُضيّع
طيوفُ نبوآتٍ وإشراقةٌ بكرُ
ووحيٌ إلهيٌ.. تضمنتَ ياقبرُ!
فألقيتَ ظلَ العجزِ بين خواطري
فلا رائعٌ طلقٌ ولا عازفٌ حرُ
ولا سمحُ يرُجى من بياني بعده
خضيلاً ولا ثغرُ القصائدِ مفترُّ
وتأبينُهُ مُضنٍ عسيرٌ مدفُهُ
عليَّ وقد أودى بصاريتي الضرُ
أيا فارساً ماعافه السرجُ فانثنى
ولاعابَهُ شوطٌ ولا ملَّهُ مُهرُ
لك العذرُ، إن جفَّ الخيالُ وأجدبتْ
قوافيَّ اشفاقاً، سجيتُكَ العذرُ
وكنتُ أجيدُ الحرفَ إذ كنتَ مرفأً
لقافيتي إن رابها المدُّ والجزر
وأبسطُ شعري بين كفيكَ تنتشي
وتخبرني أن قد أجدتَ فأستّر!
أهيمُ بها (أحسنت) كِبراً ورفعةً
ومن تمدح العلياءُ حقَّ له الكبرُ!
وما خلتُ يوماً أن يصوغَكَ مرقمي
رثاءً وأن يشدو بتأبينكَ الثغرُ!
ولكن كما علمتنا حُكمُ قادرٍ
مشيئتُهُ تمضي له الخلقُ والأمر
أيا سيدَ الدرسِ المجيدَ ومنبرٍ
بمرقاتِهِ الدنيا يرشحُنا القطر
ويا مؤنسَ المحرابِ : همٌ ووحشةٌ
من القلبِ كلاً منهما ضمَّهُ شطر
مررتَ على الدنيا كحُلمٍ فزانها
مرورُكَ يا مولاي وابتسمَ الدهر
فماكنتَ مبعوثاً بآياتِ غيرهِ
رسالتُكَ الأرقى وقرآنُك الوتر
ولم تختبئ يوماً بزيفِ عباءَة
بواطنُها رجسٌ وظاهُرها طهر
طلعتَ، أسلمانٌ يرودُ ولاءَه
وعمارُ إيماناً، وتضحيةً حُجر؟
وكانت ليالٍ قد صفتْ فنجومُها
أنيسٌ وفيضُ الصحوِ من أفقِها خمر
وسبعَ سمانٍ قد أقمتَ بحينا
ترقت بك الأذهانُ واتقد الفكر
وقد قيل: إن الفردَ يُصدرُ مثلَهُ
وخالفتَهم فرداً صوادرُهُ كُثر
أصولُك إتقانٌ، وفقهُكَ قمةٌ،
بلاغتُكُ الفُصحى، ومنطقُك السحر
ورشحٌ من العرفانِ ذبتُ له هوىً
به من رؤى طه وحيدرةٍ سر
وأستاذك الأعلى ( تقيٌ ) ورثتُهُ
عطاءً وفكراً باذخاً، لكما الشكر
ودربٌ قطعنا أنت فيه دليُلنا
لعمريَ دربٌ يانعُ الخطوِ مخضرُّ
بلغتَ بنا حدَّ النهاياتِ ما ارتضى
طموحُك، حتى قلت بل هاهنا الصفر
أغذّوا إلى العلياءِ واقتحموا المدى
سياجاً وجوزوهُ فمسلكُكم وعرُ
أمامَكم سوطُ الغريبِ وقيدُه!
وخلفكُمُ قُربى وأعينُهم شزرُ!
مضينا على اسمِ اللهِ لا النهجُ عاقنا
عقيماً، ولا مالتْ بنا مهمهُ قفر
حمدنا السرى تلك الطلائعُ تُرتجى
وولى كثيرُ الليل واقتربَ الفجر
أتى الموتُ ما أقساهُ يلهو برائعٍ
ويختار أحلى ما يجودُ به الزهر
سلاماً على ذاكَ الكريم وِتُربةٍ
توسدها يرجو فواضلَها الدر
سلاماً على ذاكَ الجبينِ وثفنةٍ
تجذر من رمل الطفوف بها عطر
سلاماً على القلبِ الكبيرِ مودَّعاً
إلى الله، لا إثمٌ يُريبُ ولا وزر
عرفتُكَ ذاتاً رغمَ باهضِ جُرحِها
مسلمةً للهِ شيمتُها الصبر
وكنت أبا ذرٍ غريباً بقومِهِ
وعشتَ يعاطيك الجفا واقعٌ مرُ
وكم كنتَ تشكو قلةَ الصحبِ سيدي
عجيبٌ، فما للنعشِ شيَّعهُ بحرُ
ترفقْ ولا تأسَ فإن قُدَّمَ الهوى
عليك فعند اللهِ مجلسُكَ الصدر
وحسبُك قلبٌ أنت في جنباتِهِ
حفيٌ، ستبقى فيه حارسُك العمر
تنفستَ بعد الموتِ وارتحت هاهنا
عليٌ وآلُ البيتِ والكوثرُ الغمر
وأحمدُ يُزجيك العطايا نفيسةً
حقيقٌ بما قدمتَ إيمانُك الذخر
أأستاذَنا الحاني وداعاً ودمعةً
يناجيكَ بالأحزانِ تلميذُك الغِرُّ
وحقِّكَ لن ينساك شيخاً، مُعلماً
مدى عمرِهِ حتى يضمكما قبرُ!