مراتب الأنبياء ودرجات النور
مراتب الأنبياء تختلف (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ) ولكن تلك المنازل هي درجات تصاعدية وليست دركات تنازلية ولا يجب أن نفهم من قوله تعالى (وَلَا تَكُن كَصَاحِبِ الْحُوتِ) أن صاحب الحوت درجته قليلة أو أنه فعل جرماً ولكن يمكن أن نفهم أن صاحب الحوت درجته كبيرة ولكن النبي محمد بصفته الدرجة العليا في الكمال فتكون درجته أكبر من صاحب الحوت، أن صاحب الحوت درجته في مراتب النور ممتازة ولكن النبي محمد درجته أرفع، فلو فرضنا وهذا الفرض من ضيق الخناق في الألفاظ التي نستعملها ونقيس عليها الأمثلة التقريبية، فنقول مثلاً يجوز للمعلم أن يقول للطالب المجتهد الحاصل على درجة 99% مثلاً أن ينصحه أن لا يكون مثل الطالب الحاصل على 98% فيشفق عليه أن لا ينقص ولا درجة واحدة علماً بأن هذه الدرجات من باب الترتيب إلا فدرجات النور لا متناهية فلهم ملياردارات من الدرجات (أولئك لهم درجات عند ربهم) ولسائل أن يسأل هل بقيت درجات للنبي محمد لم يصل إليها ونحن نقول يصعب على الأذهان تصور اللامتناهي فالنبي يرتفع كل يوم وكل مرة تذكر فيه الصلاة عليه فرحمة الله واسعة وكرمه ليس له حد كما أن علينا أن لا نتصور أن بالزيادة في هذه الدرجات يمكن أن يصل فيها إلى مرتبة الباري لأن درجاته اللامتناهية هي في مقام العبودية الواسع والنبي يقول أنا أعبد الناس أي أعلى درجة في العبودية ولكن ازداد دائماً في درجات القرب لأنه لا متناهي فلو كانت أمام تلك الدرجات مليون نقطة فلك أن تتصور إضافة مليار مليار نقطة أمامها أيضا وهكذا يقول الباري (وعندنا مزيد) ويقول النبي (وزدني علماً).
والأنبياء في أعلى درجات الكمال ولكنهم كما قلنا يتفاوتون في تلك المراتب وفي درجات الامتياز وليس في درجات الخطأ والمعصية لأن ذلك مفروغ منه ولهذا عبرنا بترك الأولى بمعنى ترك الأفضل، وليس ترك الأولى في موضوع الوجوب والحرمة لأن ذلك مفروغ منه لأن ذلك يكون في دركات الظلام والرسوب، وإنما الكلام في ترك الأولى يعني أن هناك عمل مستحب وهناك مستحب أقوى منه وهناك الحسن والأحسن. وهناك المهم والأهم فمطلوب من النبي أن يفعل الأحسن ويقدم الأهم ويحاسب في ذلك التفاوت.