المزايدون
كثرت في الآونة الأخيرة المقالات والخطب التي تزايد على حب الشيعة لأهل البيت عليهم السلام، بل أكثر من ذلك تتهم الشيعة بقتل أمير المؤمنين والحسن والحسين عليهم السلام.
ولا أدري إلى متى سنظل نحن – أتباع أهل البيت – في موقف المتهم المدافع عن نفسه! فحتى في الأمور الفقهية البحتة أنت محتاج للدفاع عما تتبناه، إذ الأصل أنك متهم حتى تثبت براءتك. لا بأس أن تختلف الآراء الفقهية داخل إطار المذاهب الإسلامية الأربعة، أما أنت فلا يحتمل خلافك. فالأسئلة لا تزال تطرح منذ قرون عن أدلة مسح القدمين والجمع بين الصلاتين وغيرها من المسائل الفرعية، وأصابع الاتهام لا تزال تشير إليك بأنك السبب في نكبة بغداد على يد الوزير ابن العلقمي المفترى عليه، ناسية أو متناسية أن الخليفة وقتها لم يكن شيعيا وأنه يتحمل على الأقل جزءا من المسئولية، وناسية أو متناسية ما حل بالشيعة في تلك النكبة، كما تتهمك بأنك السبب في سقوط بغداد عام 2003 م، متناسية ما فعل طاغية بغداد المقبور الذي أهلك الحرث والنسل وأحل المنطقة كلها دار البوار، ولعل أصابع الاتهام ستلصق بك قريبا مسؤولية نكبة حزيران عام 1967 م وما قبلها، من يدري!!
غريب فعلا أن يزايد الآخرون على محبتنا لأهل البيت عليهم السلام، ونحن الذين دفعنا ضريبة المحبة والولاء طوال التاريخ. إنها ضريبة أخرى جديدة.
ما هو الحب الذي يدعيه أمثال هؤلاء؟ كيف يتشدق بعضهم بأنه ربح عليا ولم يخسر معاوية، وربح الحسين ولم يخسر يزيد؟!! إنها التوليفة التي استعصت على أهل الكيمياء والليمياء والهيمياء والسيمياء والريمياء.. كيف يجتمع حب سيد شباب أهل الجنة مع حب يزيد الفاسق الفاجر؟!
إن الحب الحقيقي هو الحب المشفوع بالاتباع ﴿قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ (31) سورة آل عمران، والاتباع لا يكون إلا عن معرفة حقيقية بمقام المتبَع ومنزلته ونهجه، وأنى لهؤلاء نيل ذلك، وهم ينكرون حديث الغدير أو دلالاته، ويتجاهلون حديث الثقلين ( الكتاب والعترة ) ولوازمه، ويضعون أصابعهم في آذانهم عندما يمر عليهم حديث رسول الله : يكون بعدي اثنا عشر خليفة كلهم من قريش، ويستغشون ثيابهم عند آيات التطهير والمودة والمباهلة وغيرها.
لن نرد على التهم التاريخية المزعومة، بل سنسأل: من يقتل الحسين في هذا العصر؟