محاضرة الليلة الرابعة من محرم 1443 هـ
البناء الثقافي للمرأة || سماحة الشيخ أمين محفوظ
عن النبي : ( كَمل من الرجال كثير ، ولم يكمل من النساء إلّا أربع : آسية بنت مزاحم ، ومريم بنت عمران ، وخديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمد)
تحرص النصوص الشرعية أن تُقدّم للمسلم الصيغة الأكمل للرجل و المرأة من أجل يرتفع سقف الاقتداء لديه ، وتعطيه المجال للتسامي والارتقاء في مراتب القرب من الله -عز و جل- و تكامل شخصية الإنسان المسلم.
فالنصوص و الآيات حدثتنا عن الصيغ المثلى و الأمثل للمرأة المؤمنة التي أشار إليها النبي "صلى الله عليه و آله وسلم" و مكانتها ، و جاء بها في أُطر متنوعة في الحياة ، و مِن أهمّها دوران جوهريان :
١- دور المرأة في كيان أسرتها : وهذا دور لا مزيد على أهميته ومكانته في منظور الدين.
٢- دور المرأة في دعم الرسالات الإلهية : حيث كان لها موقع حسّاس و دقيق جدًا في تأريخ الرسالات الإلهية.
فالإشارات القرآنية لأدوار المرأة المصيرية والمفصلية تلفت نظرنا لجانب مهم وهو أن الله خلقها و لديها عدّة أدوار عظيمة في الحياة ، ولكي تقوم بهذه الأدوار لابد أن تكون شخصيتها متكاملة الأبعاد.
ومن أهم المكونات لِشخصية المرأة الذي ينبغي الالتفات والتركيز الكبير عليه هو المُكوّن الثقافي ، الذي بدونه لايُمكن للمرأة القيام بالأدوار المُنتظرة منها والفاعِلة في الحياة.
و أهمية الحديث عن البناء الثقافي للمرأة في مثل هذا العصر أكثر من أي وقت مضى وذلك لأن التحديات وطبيعة العصر الماثلة أمام المرأة هي تحديّات ضخمة وكبيرة ، فتحتاج المرأة لأن تتسلح بِبُنية ثقافية قوية لِتقوم بدورها في هذه الحياة ، و أبرز التحديات التي تواجهها المرأة في يومنا ما يلي :-
١- تنشِئة الجيل الصاعد : فعملية التربية ليست أمرًا مستحدث ، ولكن ينبغي ملاحظة أن الأم هي التي تقوم بأكثر الأدوار أهميّة في تربية الأبناء في المراحل العُمرية الأولى ، ولكي تُربّي الأبناء بِصورة صحيحة لابد مِن تواجد الاِقتدار الثقافي لتستطيع توجيههم و تعزيز ثقافتهم بِصورة سليمة ، وتزرع في داخلهم مناعة ثقافية لِزرع التماسك في تفكيرهم و عقيدتهم.
٢- محاولات التغريب : لم يعد العالم مُغلقًا كالسابق ، و وجود الوسائل الحديثة سهّلت عملية التواصل بين الشعوب و التداخل في الثقافات.
و بالتالي المرأة أيضًا مُعرّضة لخطر التغريب ، فهناك الكثير من الجواذب التي تميل إليها المرأة و تتفاعل معها ، ولكن يقبع خلفها بعض الثقافات و الأفكار التي تتسلل إلى اللا وعي لدى المرأة و دواخلها ، و بالتالي تتشكل في داخلها الكثير من القناعات البعيدة عن روح الدين.
٣- موقع المرأة الاجتماعي : فقد أصبح دور المرأة في يومنا دورًا فاعلًا للغاية في بناء المجتمعات ، فقد فرضت نفسها بِقوّة وجدارة و أصبح لها وجود في مختلف الشؤون.
فإن نَمت ثقافيًا سَينمو بها الوطن ، و إن اعتنت بثقافتها ووعيها سترتقي البلاد حضاريًا.
و مثل هذه التحديات تعكس أهمية دور المرأة ووظفيتها ، فلا ينبغي الاستهانة بها و بِدورها ، فقد ازداد أهمية دور المرأة في يومنا هذا مع تعاظم التحديات التي تم ذكرها ، وهي المسؤولة الأولى في هذا الإطار بأن تعتني ببُعدها الثقافي و تُنمّيه.
ويبنغي مراعاة الآتي في مقصد التغذية الثقافية التي ينبغي للمرأة التوجه لها:
١- الثقافة التي ينبغي النمو فيها هي زيادة الوعي بأهمية وجودها في الحياة و ضرورة دورها.
٢- في مقدمة الأمور التي ينبغي أن تسعى المرأة أن تتغذى بها ثقافيًا هي جانب الوعي الديني بِشقّه الشرعي و الأخلاقي.
٣- الثقافة العامة ، و خصوصا المرتبطة بطبيعة العصر الذي نعيش فيه.
و الوسائل التي ينبغي للمرأة اتّباعها في تنمية ثقافتها والوصول للمعلومات كثيرة وخصوصا عبر الوسائل الحديثة وبالتالي أصبح الوصول للمعلومات أمرًا هيّن في مثل هذا العصر ، ولكن الإنسان يواجه الكثير من المعلومات المختلطة وقد يقع في حيرة لِيميّز ماهو صحيح أو خاطئ ، و لِتجنب اختلاط المعلومات ينبغي علينا التالي :
١- القراءة الهادفة : قراءة الكتاب مسألة مهمة ولازال يحتفظ بمصداقية وموثوقية عالية في مقابل الوسائل الأخرى.
٢- الاستماع : كاستماع المحاضرات والدروس.